اخذ عمر يحاول تهدئة روع اخته ، و هو يحاول ان يعرف ما بها ، ردت من بين شهقات بكاءها
دينا: النهارده جاتله رساله على الموبايل قبل الفطار ، خد التليفون و جرى على جوه و بعدها جاله مكالمه من والده على تليفون البيت ، ساب الموبايل فى الاوضه و دخلت انا اغير هدومى عشان ريحة المطبخ قبل الفطار ، لقيت الرساله اتمسحت ، و بعدين و التليفون لسه فى ايدى جات له رساله تانيه ، فتحتها لقيت حد باعتله
Can't wait till sun set , love you so much
و انت فاهم طبعا الترجمه واحده بتقوله انها مش قادره على انتظاره لحد المغرب و بتحبه موت و هو فعلا كان لسه قايل انه خارج بعد الفطار بس على اساس مشوار شغل
عمر : و لقيتى الرساله مسجله باسم مين
دينا: ده اللى موتنى ، مسجله باسم
My manager
يعنى كاتب الهانم على انها المدير بتاعه ، ياما جاله منها تليفونات و ماسجات قدامى و كان يجرى يرد عليها من مكان بعيد عنى على اساس انها مكالمة شغل و لازم يتكلم فى حته هاديه ، ده غير قعدته طول الليل على الشات و انا مش عارفه بيكلم مين ، اكيد كان بيكلمها ، انا حاموت يا عمر حاموت
عمر : بس برضه جايز انت ظالماه يا دينا ، مش يمكن ما قابلهاش و ربنا هداه
دينا: لا ، ما انا سكت خالص و فطرت معاه و مع الولاد و ربنا عالم بالنار اللى فيا ، و بعد الفطار بعشر دقايق نزل ، نزلت وراه بعربية مارجريت جارتى و انا لابسه نقاب عشان ما ياخدش باله منى ، ما عرفنيش طبعا ، و فضلت وراه لحد ما لقيته قاعد فى كافيه على الخليج ، و بعدها جاتله الهانم ، و احده شكلها مصرى يا عمر و اكبر منى فى السن ، لكن ضاربه شعرها اصفر و لابسه محزق و قصير و عامله فيها نغه ، تصدق ؟
عمر : لا حول ولا قوة الا بالله ، و عملتى ايه ؟
دينا : قعدت فى الترابيزه اللى جنبهم و اتاكدت انها مصريه لما سمعت كل كلمه بينهم ، كلام عمره ما قالهولى حتى ايام ما كنت باحبه فى الكليه ، لحد كده و ما قدرتش ، روحت و كلمتك فى التليفون ، عشان انا لو كنت كلمته كنت حاعمل جنايه ، و مش عايزين فضايح فى بلاد الغربه ، انت تكلمه بكره و تتفق معاه على الطلاق ، و انا حارجع يا عمر علطول انا مش طايقه اشوف وشه .
كانت ساره قد لمحت التوتر الشديد على ملامح عمر و صوته و هو يكلم اخته ، فأغلقت عليهما باب الغرفه حتى لا تسمع امه الحديث فتقلق على ابنتها ، لكن ذلك اتى متاخراً ، اذ طرقت ام عمر الباب و سالت : مالها دينا يا عمر ، ادينى اكلمها
اخذت الام السماعه وعندما سمعت ما حدث : بصى يا بنتى ، انت لازم تعرفى دى مين و عرفها منين ، ده بيتك و لازم تحافظى عليه ، حتى لو فرضنا انها واحده كده مصاحبها ولا حاجه ، حاتسيبيهولها يا عبيطه ؟ الاحسن تقعدى معاه و تشوفى ايه مشكلته ، البيوت خرابها مش سهل يا بنتى و انت مخلفه منه تلات بنات ، حاستنى منك تليفون بكره الصبح تقولى لى عملتى ايه ، و عاوزه اقولك حاجه مهمه ، اوعى تقولى له انك عرفتى اهلك اى حاجه ، عشان ما يستبيعش ، خلي اخر حاجه تهدديه بيها انك تعرفى اهلك ، خلاص يا بنتى ؟ ربنا يقدملك اللى فيه الخير يا حبيبة امك
اغلفت ام عمر السماعه ثم انهارت باكيه ، تمزق قلبها من اجل دينا و زاد على ذلك وحدتها معه فى الغربه ، و مع ذلك اضطرت الام ان تكتم المها و تحدثها بصوت العقل
دمعت عينا ساره حين فهمت الموقف ، و اقتربت من حماتها تحتضنها و هى تقول : ان شاء الله غمه و تعدى يا طنط ، ببركة رمضان ان شاء الله حاتتحل و الله
احتضنت ام عمر زوجة ابنها و هى تقول : دينا غلبانه يا ساره ، سابت وظيفتها كمعيده هنا و سابت الماجستير بتاعها و اتجوزته ، عشان بتحبه ، من وهى فى اولى كليه و هى بتحبه ، و من ساعها وهبت كل دقيقه فى حياتها له ، حتى فلوسها من شغلها هناك ، كانت بتصرفها على اللبس و الفسح و مش عامله حسابها على يوم زى ده ، انا خايفه البيت يخرب و اللى حايدفع التمن هما البنات فى الاخر ، ربنا يهديها للصح يا بنتى ، بس اى حاجه الا الطلاق ، ده ابغض الحلال
وفى اليوم التالى وجدت ساره امر استدعاء من مديرة المدرسه فذهبت لمقابلتها و هى متوجسه خيفه مما قد يحدث
المديره : اخبارك ايه يا ساره ، و ياترى مبسوطه معانا
ساره : مبسوطه جدا يا فندم ، و حاسه انى طول عمرى مدرسه بس كنت تايهه عن مكانى الاصلى
ابتسمت المديره بحب ثم قالت : انت فعلا مدرسه كويسه ، و جايلنا شكر من اولياء الامور كتير جدا، و اهم نقطه هى حب الطلبه ليكى و اقتناعهم بكلامك
بدات معدة ساره فى الكركبه اه يا ساره ، يا ترى انهى كلام فيهم ، مانتى طول النهار تتكلمى مع العيال
واصلت المديره كلامها : انا جالى مكالمتين متناقضتنين تماما النهارده ، ام بتدعى لك و بتشكرك على انك شجعتى الولاد على قراءة القران ، و كانت سعيده جدا ان ابنها ساب التلفزيون و اللعب و اصر انه يقرا ثلاثة اجزاء مره واحده فى اول يوم رمضان
ساره : الحمد لله ، انا سعيده ان الولاد بدأوا فى تطبيق الخطه من اليوم الاول
المديره : اه ما انا عرفت بخصوص الخطه دى ، خطة ختم القران من ولى امر تانى ، لما نزل امبارح الخيمه الرمضانيه و اخد بنته معاه و قعد يشرب شيشه هو و المدام بتاعته ، بنته احرجته قدام الناس لما قعدت تتكلم عن فايدة شهر رمضان و الخير الذى يجب اغتنامه ، و ما عجبهاش لبس المطربه فى الخيمه الرمضانيه و فى الاخر عيطت علشان عايزه تروح تقرا ورد القران اللى حددته لنفسها
ساره : طيب الاب اعترض على ايه بالضبط ، هو انا اللى غلطانه يا مس فاتن
المديره : لا طبعا ، بس الاب قال اننا عندنا منهج و ان حضرتك مدرسة ماث و مش شغلتك الكلام فى الدين و الوعظ ، و ان بنته مش فى مدرسه فى افغانستان عشان الارهاب الفكرى ده ، طبعا دى كلمات الاب بالضبط و باسجل كامل اعتراضى عليها
اصفر وجه ساره و هى تقول : ارهاب فكرى ؟ هو لما اقول للاولاد يغتنموا شهر رمضان اكون بارهبهم ، و بعدين انا عمرى ما شجعت حد انه يغلط فى اهله او يبعد عن ادب الحوار معاهم بالعكس
قاطعتها المديره قائله : انا ناديتك النهارده عشان اقولك انى امرت قسم التربيه الفنيه انهم يعملوا لوحه زى اللى عملتيها لكل فصل ، و حانعمم التجربه فى المدرسه كلها ، ده واجبنا ، احنا فى بلد اسلامى و المدرسه دى مدرسه اسلاميه بيتم تحفيظ اجزاء بسيطه من القران فى كل سنه دراسيه ، عشان كده انا معاكى قلبا و قالبا ، و شكرا يا ميس ساره على مجهودك و اتمنى انك قبل ما تعملى فكره رائعه زى اللى عملتيها تستشيرينى شخصياً عشان لو عجبتنى اعممها على المدرسه كلها و عشان كمان عيب ولى امر يكلمنى فى موضوع فى مدرستى اكون ما اعرفش عنه حاجه
و قامت ساره التى تنفست الصعداء و حمدت الله و هى تتذكر ان من يتق الله يجعل له مخرجاً ، رغم انها لم تعف نفسها من الذنب الذى احست به مع كلمات المديره الاخيره ، كان من الواجب ان تستأذنها قبل المضى فى خطتها
عادت ساره الى المنزل لتجد حماتها غارقه فى دموعها ، اتصلت بها دينا فى الصباح و ابلغتها بما حدث بينها و بين زوجها مساءً ، و طلبت منها ان تحكى لساره و عمر عن ما حدث ، و طلبت ان يتصلوا بها عند عودتهم
ما حدث بالضبط هو ان طارق عاد متاخراً تلك الليله ، ليجد دينا فى انتظاره متساءله عن سبب تاخيره لذلك الوقت
اجابها : ما قلت لك شغل
دينا : شغل فى كوستا كافيه ؟
توتر طارق و بدا يعرق و هو يقول : شغل فى اى حته يا دينا مانت عارفه اننا بنقابل عملاء فى كافيهات عادى
دينا: ايوه و العملاء النهارده كانوا كام واحد و رجاله ولا ستات
طارق : انت عاوزه توصلى لايه ؟ ده تحقيق يعنى ؟
ردت دينا بنفاذ صبر : عاوزه اوصل للحقيقه ، ممكن تقولى مين اللى كانت معاك و كفايه كذب و خداع بقه
رد طارق و هو موقن انه انكشف فاختار يبادر بالهجوم : من امتى كنت مهتمه باروح فين و اقابل مين ، انا نسيت انى متجوز من كتر انشغالك بالبنات و خصوصاً بعد ما خلفتى التوءم
دينا: انا عمرى ما قصرت معاك بالعكس ، انا سبت الشغل عشان اتفرغ لك ، حتى اكلك و غسيلك عمرى ما باخلى الشغاله تمد ايديها فيه ، غير ان ما حدش شافنى الا وقال انى مش باين على جواز و لا خلفه ، متحاولش نقلب الترابيزه على يا طارق عشان مش حاينفع ، انا عاوزه اعرف مين اللى كانت معاك دى
طارق : عاوزه تعرفى ؟؟ ماشى يا ستى ، دى خطيبتى
دارت الدنيا بدينا عندما سمعت كلام زوجها ، و احست انها تسقط فى بئر بلا قرار ، و فى اثناء سقوطها تساءلت هل هذه نهاية الحب الذى احبته لطارق ، كان زميلها فى الجامعه ، اكبر منها بعامين ، منذ السنه الاولى احبته ، و اصبحت كالتابع الذليل منذ لحظتها ، كانت ترى عينيه تدور خلف كل فتاه تمر من امامه و كذبت عينيها ، بل انها تاكدت ذات مره من خيانته حين اخبرتها احدى صديقاتها انه يقابل فتاة اخرى ، و راتهما بام عينيها معاً ، لكنها كذبت عيناها و صدقته ، حين سفح امامها دمع الندم ، و وعدها ان يتغير بعد الزواج ، للاسف صدقته
كانت غلطتها انها صدقته و تناست ان هناك طباع غير قابله للتغيير
و تذكرت كيف تركت منصبها كمعيده فى الجامعه و رساله الماجستير التى بدأتها و تبعته الى بلاد النفط و الاحلام
صدمت فى بداية حياتهما معاً ، بضيق الشقه ، و غلاء الاسعار المريع ، لدرجه ان مرتبهما كله كان يضيع فى المنزل ، كانت احيانا توفر نصيبها من الطعام لتقدمه له ، و حاولت ان تبحث عن عمل حتى لو كان بسيطاً و غير مناسب لمؤهلاتها ، عملت كبائعة فى احد محلات الذهب و اخفت عن اهلها طبيعة عملها ، ثم رزقهما الله بابنتهما الكبرى ، ذهبت الى مصر و ولدتها هناك الى جوار اهلها ، حتى تقلل المصاريف و يتكفل بها اهلها ، و حين عادت ، و كان هو قد غير شركته و ترقى بسرعه رهيبه فى عمله
و و تركت هى عملها حتى تتفرغ للبيت و لابنتها الكبرى ، ثم زاد انشغالها بعد انجاب التوءم ، لمحت فى عينيه يوم الولاده مزيج الغضب و الحزن ، كان يتمنى ان ينجب ولداً
و قالها صراحة امام والدتها التى كانت معها فى ولادتها ، مم اقلق امها و اضطرت للمكوث معها سنه كامله لتساعدها فى تربيه التوائم حتى تكبرن ، اذ لم يكن يتحمل صوت بكاء اى منهن
و الان بعد ان استعادت قوامها و بدات مره اخرى تهتم بنفسها و ماكياجها داخل المنزل ، و بعد ان استقر وضعه المادى ، و اشترى فيلا فى احد ضواحى القاهره الجديده ، يصدمها بتلك الخيانه
مرت كل تلك الخواطر بعقلها فى ثانيه واحده ، هزت راسها لتنفضها عن راسها ، وردت عليه :
يعنى ايه خطيبتك يا طارق ، طيب و انا ؟ انا مين ؟
طارق : انت مراتى ، و ام البنات ، و حاتفضلى مراتى طبعا ، مش الشرع اباح مثنى و ثلاث و رباع ؟ كل جيرانك العرب اللى حواليكى متجوزين اتنين و تلاته كمان فى بيت واحد ، و الامور ماشيه ، انا ما باعملش حاجه تغضب ربنا
دينا : و هو ربنا يرضى انى اقف جنبك فى البدايات و اشوف المر و الذل فى الغربه ، و اشتغل بياعه فى محل و انا كنت حابقى دكتوره فى الجامعه فى بلدى ، و تكون جايزتى فى النهايه انك تتجوز علي؟
طارق : ما حدش ضربك على ايدك ، كنت خليكى فى بلدك سفى التراب جنب اللى بيسفو
دينا : يا ريت ، يا ريت الزمن يرجع ، ماله تراب بلدى ، مش احسن من بريق الدينارات اللى بيخلى الناس تبيع كل حاجه ، حتى اللى حبوهم و وقفوا جنبهم
طارق : ليه مسمياه بيع ، انا مش بابيعك ، دلوقت البنت دى مصريه ، و عندها اتنين و تلاتين سنه ، و بتشتغل هنا فى منصب ممتاز فى بنك ، فيها ايه لما نتنازل عن الانانيه شويه ، و نسعد انسه وحيده نفسها تلاقى عريس و انت عارفه مشكلة العنوسه المتزايده
دينا : اه ، و انت مندوب الامم المتحده لمكافحة العنوسه ؟
طارق : مش عايز تريقه ، انا ما كنتش ناوى اقولك ، و ما كنتيش حتى هاتحسى بالفرق ، و الحمد لله انا اقدر افتح بيتين و تلاته دلوقت لو حبيت ، لكن مايسه عندها شقه هنا و شقه فى مصر ، و مش عاوزه حاجه غير انى اكون معاها ، كمان انا نفسى فى ولد ، من حقى احلم يكون لى ولد يسندنى و يقف على تربتى بعد ما اموت
دينا : ايه الكلام ده ، ولد ايه و بنت ايه ، و مين عارف مين يقف على تربة مين ، يا ما ناس بتموت غريبه فى بلاد غريبه و يمشى فى جنازتهم ناس عمرهم ما عرفوهم ، و بعدين مادام عاوز تحل مشكلة العنوسه فى مصر ، ممكن تساعد شاب صغير على الجواز بفلوسك اللى تفتح بيتين و تلاته ، و اديك تبقى ضربت تلات عصافير بحجر واحد
طارق : ليه ان شاء الله ، حد قالك انى وزارة الشئون الاجتماعيه ، انا من حقى التمتع باكثر من ست ، و ده ثابت فى الكتاب و السنه ، و اعملى حسابك انا دخلتى على مايسه على العيد ان شاء الله ، و حاسافر معاها كام يوم كده ، و بعدين نقسم ايام الاسبوع يا دينا
صرخت دينا من قلبها الجريح قائله : حرام عليك ، انا عملت فيك ايه عشان توجعنى الوجع ده كله ، ليه يا طارق كده ؟
ليه طارق : انت اللى اخترتى يا دينا ، انا كنت ماشى فى الموضوع من سنه فى السر و متفق معاها و مع اهلها انه يفضل سر ، و ما كنتيش حاتحسى بحاجه ، لكن ما وصلتش انك تحققى معايا ، و تراقبينى ، عشان كده لازم تفهمى ان دى حاجه نفسى فيها ، ليه ما اعملهاش طالما اقدر ؟
و بفضل نبشك ورايا ادينى دلوقت لا باكذب و لا بادارى و لا باعمل حاجه عيب او حرام .......