عمر: مر اسبوعان على بدء الدراسه ، و كل يوم ارى ساره تزداد جمالاً و اناقه و تالق بالرغم من انشغالها معظم النهار ، لكنها ايضاً تزداد بعداً عنى ، و زاد على ذلك حل واجبات المدرسه ليحيى الذى يستغرق وقتا طويلا فى المحايله ، كذلك مريم التى تكون فى عز احتياجها لحنان ساره بعد غيابها عنها معظم اليوم ، لذلك لا تنزل من على كتفها تقريباً و تظل ملتصقه بها معظم الوقت ، الغريب ان مريم عادت للنوم بجانبنا بعد ان كانت استقلت فى غرفتها مع يحيى ، ربنا يستر
رمضان الاسبوع الجاى ان شاء الله ، و كل سنه حايتقدم ، يعنى سنة الفين و تمانيه ان شاء الله حايكون قبل الدراسه و فى عز الصيف كمان ، و زادت الطلبات جداً ، و الله رحت السوبرماركت ســألت نفسى ، هل رمضان شهر الصوم ام شهر الاكل ؟
كمية البشر المتوافده على السوبر ماركت و كم الطلب على البضاعه بصرف النظر عن الغلاء ، حاجه تجنن ، و كمان السنه دى رمضان جه بعد الدراسه ما بدات بوقت قليل ، فللاسف كان لسه تكاليف بداية المدارس ، و مع ذلك لم يثن ذلك الشعب المصرى الاصيل عن الانهيار المفاجىء على بضائع رمضان
انت بتقول ايه يا عمر ما انت كمان داخل تشترى اهوه
لا و الله ، انا هبدأ بنفسى الأول ، و ادى القايمه الطويله العريضه اللى كتبتها ماما و الست ساره
و قطع عمر القائمه و دخل بخطى ثابته للسوبرماركت ليشترى بضائع الشهر التى اعتادها و لم يلق بالا للمكسرات و لا الياميش ، لقد قرر ذلك و سيتحمل العواقب مهما كانت
و دخل الاسد الهمام المنزل بدون طلبات رمضان ، فقط العادى من الزيت و السكر و الارز و شنطه صغيره احضرها من العطار
دخلت امه و ساره الى المطبخ بفرحه لفتح الاكياس و بعد برهه
لاول مره يراهما عمر متحدتان لدرجة انهما فى صوت واحد صرختا فيه : ايه ده بقه ان شاء الله ، فين طلبات رمضان ؟؟؟؟؟؟؟
عمر : هو رمضان طلب ايه ، فكرونى كده
ساره : ايه يا عمر كل سنه و انت طيب ، رمضان بيحتاج شوية مكسرات على شوية ياميش يعنى ، قمر الدين ، تين ، فزدق
عمر : انا مش مقتنع يا ساره بكل الحاجات دى ، انا عديت على العطار و فى كيس حتلاقى فيه عرقسوس و تمر هندى و كركديه ، و جبت لك لفتين قمر الدين ، لكن المكسرات دى غاليه جدا و انتو طالبين ميت نوع ، حددوا نفسكم كده و انا اجيب ، لكن احنا لسه طالعين من خنقة دخول المدارس و عايز اجيب الضرورى بس
الام : خلاص يا ابنى انا حاجيب الحاجات دى على حسابى ، يا عيب الشوم ، ازاى يعنى نقعد ساعة الفطار من غير خشاف و مهلبية قمر الدين و قطايف و كنافه
عمر : يا ماما فلوسك و فلوسى واحد ، انا ما قصدش ، انا اقصد ان حرام نحط كل الاصناف دى على السفره فى يوم واحد بدل ما نخلص الفلوس على الحلويات و التخن ، نكتفى بصنف واحد من الحاجات دى كل يوم ، يعنى مره خشاف ، مره قطايف ، و اللى حايتوفر مش حاشيله فى جيبى ، احنا بس حانفطر عيله صغيره فقيره معانا كل يوم ، ان شالله نعملهم فرخه و شوية رز ، احسن من الفلوس اللى بتروح فى الفاضى دى
الام : يا حبيبى ما نعمل ده و ده ، احنا فى شهر الخير و من افطر صائماً فله مثل اجره ، لكن دى عاده
عمر : ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين ، انا عمرى ما افتكر اننا خلصنا صينية كنافه مثلاً ، عشان كده بس نعمل جدول على قدنا كده و نشوف لو عملنا كل يوم صنف حانحتاج قد ايه من كل نوع ، فيها حاجه دى ؟
ساره : لا يا عمر ، عندك حق ، انا حاعمل المقايسه دى و اقولك بالضبط و كلامك صح ، ساعة الفطار الواحد بياكل لقمه و يحس بالتخمه و يقوم ، مش عيب اننا نعترف بغلطتنا يا طنط
احس عمر بالانتصار و قامت ساره لاعداد القائمه التموينيه الجديده دون تبذير او اسراف ، بينما ظلت الام تمصمص شفتيها و تترحم على والد عمر زين الرجال اللى كان مغرقها فى الياميش و لسان حال عمر يقول ، ده كان ايام الرخص يا امى
و فى ليلة الرؤيه و بعد ان تاكد ان رمضان غداً ، ابتهج الاطفال ، و وضع عمر فانوساً كبيراً فى البلكونه و اناره بلمبه كهربائيه كان قد اشتراه من خان الخليلى و فرح به يحيى و استغنى عن الفوانيس المزعجه التى تغنى و ترقص و فرح جدا بهذا الفانوس الكبير الذى يفوق حجمه كل الفوانيس التى اشتراها فى حياته و التى قامت ساره باخراجها من الخزنه بداخل سريره و تركيب بطاريات لها فعادت كالجديده
و جلست الاسره الصغيره الى المائده ساعة السحور و النوم فى عينى يحيى يذكر عمر بنفسه و هو طفل ، و يتامل مريم و قد قامت معهم حين سمعتهم ، و الكل يتناول سحوره ، ياه ، تلك اللحظات لا ينساها ابداً ، و تذكر والده و ترحم عليه ، حين كان يجبرهم على السحور برغم تبرمهم جميعاً و رغبتهم الشديده فى العوده للنوم ، لكن والده كان يصر على السحور حتى يفيق الابناء و يستطيعون اداء صلاة الفجر
و صلى اهل البيت الفجر جماعه ، امهم فيها عمر ، و حتى يحيى توضـأ للصلاه بعد ان قرر ان يصوم لاول مره فى حياته ، لكن الى منتصف اليوم فقط كتدريب له
و فى المدرسه دخلت ساره الفصل لتفاجـأ باحدى التلميذات تسألها :
حاتتفرجى على مسلسل يسرا يا ميس ، ولا مسلسل حنان ترك ، ده حاييجى على دبي ساعة الفطار ، ده اسمه على اسم حضرتك ، اسمه ساره
التفتت ساره للطفله و طلبت اليهم كلهم الجلوس و الاستماع اليها و سالتهم
ساره : كل سنه و انتم طيبين يا حبايبى ، هو رمضان بييجى كام مره فى السنه
رد الاطفال : مره واحده يا ميس
ساره : و الحاجه اللى بتيجى مره واحده دى لازم نستفيد منها ولا ما نستفيدش ؟
ردت احدى التلميذات : ما احنا بنستفيد يا ميس ، ده احلى شهر فى السنه ، بييجى فيه بكار و ظاظا ، و انا بحب كمان تامر و شوقيه
ساره : طيب ما المسلسلات دى طول السنه مش زى رمضان اللى بييجى مره واحده
ردت الطفله : بس عمرهم ما بييجو فى وقت واحد كده بييجو متفرقين
ساره : طيب يا حبايبى هما بييجو تانى لكن رمضان لو راح من غير ما نستفيد منه مش حايرجع تانى ،و المطلوب منا فى رمضان مش الفرجه ع التلفزيون ، لا ، مطلوب نعبد ربنا اكتر و نقرب منه اكتر
قام طفل من مكانه و قال : بس انا مش عارف يا ميس ليه بيختاروا شهر رمضان بالذات و يعملوا فيه المسلسلات دى ، ده ظلم و الله ، ما يختاروا شهر تانى
ردت ساره باسمه : تصدق يا شادى انا بسال نفسى السؤال ده كتير اوى ، اشمعنى فى رمضان ، ما يعملوا الكلام ده فى فبراير مثلا ، يعنى فوازير فبراير و مسلسلات فبراير و كده ليه دايماً رمضان ؟ و بعدين اكتشفت ليه
ضحك شادى و باقى الاطفال و سالوا : ليه يا ميس
ساره : عشان ده اختبار اكبر للمسلمين ، يمكن ربنا ساب المسلسلات تزيد كده عشان يشوف مين فينا اللى ايمانه اقوى ، و اللى يقدر على انه يتحكم فى نفسه و يسيب كل ده و يحب ربنا اكتر منه ، انا مش باقول ما تتفرجوش خالص ، لا طبعاً ، بس كل واحد ينقى حاجه او حاجتين بيحبهم و يتابعهم كل يوم ، و حتى نقول لماما و بابا كده عشان يساعدونا ، و نحاول نقعد مع عيلتنا و نتكلم عن الدين و عن ربنا سبحانه و تعالى و نصلى ، و نقرأ القران و ممكن نروح مع ماما او بابا صلاة التراويح فى الجامع
انا حاعملكم مسابقه النهارده
و اخرجت ساره لوحه كبيره عكفت اياماً عليها تحتوى على اسم كل طالب و امامه ثلاثون خانه فارغه على شكل جدول كبير
و قالت : كل واحد فيكم شايف اسمه ، حنحاول نقرا قران كلنا على قد ما نقدر ، و كل ما نخلص جزء ، نعلم علامه عليه قدام الاسم ، و نشوف مين فينا قدر يكسب و يختم القران كله الاول ، ايه رايكم ، و دى ممكن نعملها كل شهر مش بس فى رمضان ، انتم معظمكم صايمين و فى البريك مش حاتاكلوا ، ممكن نبدا من النهارده ، خلال البريك حانقعد فى الفصل عشان الحر و كل واحد معاه مصحف و نقرا على قد ما نقدر و نكمل فى البيت ، و بكره كل واحد فيكم يجيب معاه مصحف خاص به من اللى فيه علامه بداخله عشان كل واحد يعرف هو قرا لحد فين
هلل التلاميذ فرحين ، و قرروا ان يبدأوا من اليوم ، و فى اثناء رحلة العوده من المدرسه ، كان حديث الطلبه مع بعضهم فى الباص عن المسلسلات ، لكن تلاميذ فصول ساره كانوا منشغلين اكثر بالمسابقه و بالوقت المناسب لقراءة القران بحيث يتسلون اثناء الصيام فتمر ساعاته بسرعه
فى ذلك اليوم احست ساره انها ليست مجرد معلمه ، احست انها صاحبة رساله ، و ان الله تعالى سيظل معها و سيجازيها خيراً عما صنعت ، صحيح انها ليست مدرسة تربيه دينيه ، لكن الدين ليس مجرد جزء من منهج تعليمى بل هو اسلوب حياه
و خرجت ساره مع العائله للافطار عند والدتها فى ذلك اليوم ، و وصلوا مبكراً للمساعده فى تحضير الطعام
رن جرس الهاتف قبل الافطار بقليل
ردت ام ساره : ايوه يا اسراء يا حبيبتى كل سنه و انت طيبه
ثم بدات فى البكاء كالعاده
اخذت منها ساره السماعه : ايوه يا اسراء كان نفسنا تكونى معانا يا حبيبتى
ثم لاحظت ساره اختناق صوت شقيقتها بطريقة غريبه فقالت : مالك يا اسراء انت عيانه
اسراء : لا يا ساره انا مخنوقه و تعبانه اوى ، انا عاوزه انزل مصر يا ساره
ساره : ده انت لسه ماشيه ما كملتيش شهرين يا حبيبتى
اسراء: انا عايزه اجى اولد فى مصر ، ما حدش هنا يخدمنى ولا ياخد باله منى
ساره : طيب يا حبيبتى انت فين و الولاده فين ده لسه كام شهر
اسراء : ماهو حازم رافض المبدا من اساسه يا ساره ، عاوزنى افضل هنا عشان ما اخدش اجازه من الشغل الا على قد الوضع بس ، لكن لو سافرت من قبلها حاضطر انى اسيب الشغل و ده طبعا مستحيل بالنسبه له عشان خطته و جدوله الزمنى ، وانا تعبانه اوى يا ساره ، عاوزاكم جنبى ، انا كارهه الغربه ، كل حاجه بتلمع و منوره ، لكن بلد من غير قلب ، انا عاوزه ارجع اولد فى مصر ، عاوزه ماما .............. محتاجاها