اطار التنشيط السياحي استضاف نادي الباحة الادبي أخيراً الدكتور حسن بن فهد الهويمل لالقاء محاضرة تحت عنوان: الشعر المسرحي: الواقع والمؤمل.
وبدأ المحاضر حديثه بنبذة عن الابداع الشعري المسرحي. ومهد لذلك بالحديث عن المسرح وأصوله اليونانية والغربية وانتقاله الى الثقافة العربية بعد حملة نابليون.
واستعرض الهويل الادعاءات التي حاول الدارسون العرب من خلالها جعل الحضارة العربية رائدة في المسرح وفي الابداع الشعري المسرحي. وأشار الى ان المنافرات والفروسية وخيال الظل لابن دانيال بدايات فجة وليست مؤهلة لكي تكون رائدة.
ونفى ان يكون في ذلك مساس بالحضارة العربية. وقال: ان المسرح في اليونان نشأ في ظل الوثنية وتعدد الآلهة وصراعها، ولم يكن لذلك مجال في الحضارة العربية والاسلامية، وهذا اللون من الحضارة اليونانية هو الذي نقلته الحضارة العربية ولم تتأثر به لا عجزاً ولكن استغناء.
وبعد صراع الريادة الحضارية عرض لصراع الريادة الاقليمية. فالمصريون يدعون الريادة في المسرح وفي الابداع الشعري المسرحي. والشاميون يدعون ذلك ايضاً. يقدم المصريون شوقي، ويقدم الشاميون اليازجي.
وفرق المحاضر بين الريادة التاريخية والريادة التأسيسية التأصيلية، مسلماً بأن الريادة التاريخية للشام والريادة الفنية لمصر. ويقال مثل ذلك عن المسرح، وان كان الشاميون يرون ان الصحافة والمسرح والابداع المسرحي وان ظهرت في مصر فانها تمت على يد المهاجرين من الشام الى مصر.
وبعد العرض التاريخي الدقيق قلل المحاضر من أهمية هذا الخلاف بقوله: «نحن بحاجة الى ان نكشف عن ريادة الأمة العربية وأهليتها للمبادرة والحضور الواعي في كل المشاهد الفكرية والأدبية والحضارية. وليس مهماً ان تكون الريادة اقليمية المهم ان يكون للأمة العربية حضور متميز في السياق الحضاري المعاصر». ثم تناول المحاضر التحولات الفنية والدلالية، ورواد المسرح الشعري وعد شوقي الرائد الذي لا ينازعه احد. واشار الى مصادر ثقافته وتأثره بالشعر المسرحي الفرنسي وتخلصه من التبعية.
وأشار الى ان القول بعجز الشعر العربي عن استيعاب (الدراما) والتمثيل قول لا سند له بدليل وجود ابداعات متميزة عند صلاح عبد الصبور وعبد الرحمن الشرقاوي وخالد محيي الدين البرادعي وآخرين.
بعد ذلك فصل الحديث عن الابداع المسرحي عند شعراء المملكة واشار الى ريادة حسين سراج وتأثره بشوقي ودراسته في مصر.
ثم تطرق الى التحولات الدلالية من رومانسية غزلية حالمة، الى «تاريخية متباهية بالأمجاد»، الى ثورية ساخرة بالنظم الرجعية الى آيديولوجية آخذة بالتيارات الحديثة الى واقعية اشتراكية وأبان عن عيوب هذه التحولات. وأنحى باللائمة على الخطاب الثوري والواقعي الاشتراكي الذي فقد المصداقية والتأثير.
وتناول بشيء من التحامل المسرح العربي الحديث، التجريبي والتقليدي وأشار الى المآخذ المهمة محذراً من اعتماد العامية لغة للمسرح ومن استغلال العنصر النسائي الاستعراضي القائم على الاثارة والجذب والاغراء، وكذلك من التهريج والاعتماد على الحركة والزعيق لمجرد التسلية.