كلٌّ منا هو سيد قلمه ولكلّ مشاعره التي تسيل بحواس تحكمها اللحظة فلا يسعها إلا أن تعبر عن ذاتها بكلماتٍ تعكس مكنونات الروح
عندها نترك لحروفنا حرية التدفق دون فرض التشويش على حواس فاضت بمشاعر الحبّ أو الذكرى أو حتى الرغبة في النسيان
واحتراماً لأفكارنا التي تباغتنا في لحظة تمرد أحاسيسٍ أبَتْ أن تبقى مكنونة في حيّزٍ من الاحتفاظ
يتوجب التعبير عنها بكلماتٍ تليق بمحتواها
تبدأ الخاطرة بخربشات تنمو من ثورة مشاعر راغبة في الظهور
ولكن كيف لتلك المشاعر أن تترجم نفسها بحروفٍ تتطور لتشكل الكلمات وتمتد لتتحول إلى جُمَلٍ فخاطرة مؤثرة ؟؟
هناك بعض الأسس التي يجب أن تمتلكها الخاطرة لتكون حاضرة للقراءة, أهمها :
1- انبثاق الفكرة : وهي المرحلة الأولى التي تتضح معها صورة موضوع الخاطرة.. وقد تبدأ بكلماتٍ مبعثرة ومشاعر منثورة من تضارب الأفكار
يجب أن ندوّن كلّ ما يخطر في بالنا من كلمات ونعود إليها ثانيةً لمحاولة ترتيبها وبثّ الروح فيها
2-ولادة الخاطرة : بعد تسطير الكلمات والتعابير التي تعكس حالة مزاجية خاصة , نعود لنرتب الأفكار بغاية تحسين الشكل العام للخاطرة
وذلك من خلال تكرار القراءة بعيداً عن المشاعر التي راودتنا أثناء تدوينها بشكل مبعثر
من الممكن أن نشطب هنا ونصحح هناك للحصول على الشكل الأمثل
3- انتقاء المفردات : تكون الخاطرة قوية إذا اتسمت بقوة أدبية بارعة تعكس مخزوناً من المفردات الناتجة عن قراءة مستفيضة
لذا فالحرص على انتقاء الكلمات الجزلة ذات الدلالات التصويرية والرموز المعبرة , شيء مهم ومطلوب كي تكون الخاطرة أكثر تعبيراً لتعكس جمالية الشكل والمعنى
4- استكمال الجماليات: لكلّ كتابة ثغرات يجب إقفالها بشكل مُحكَم , وذلك بإضافة لمسات خاصة من خلال التعابير المختلفة والمشاعر الهائمة التي تحتاج لصقل لغوي
وأفضل طريقة لترقية الأسلوب , هي قراءة التعابير والتشبيهات
ومن الأفضل الاحتفاظ بها داخلنا , كي نستطيع بناءها دون تكلّف وبتلقائية سلسة
5 - الخـاتمة : يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تكون الخاتمة مشوّقة , يتخللها بعضٌ من الإثارة الفكرية بحيث تكون هادفة وراقية , تمتثل للمعنى الأساسي التي كُتبت من أجله الخاطرة
ليجد القارىء التعبير الشامل والأجمل , فالخاتمة هي ما يعلق بذهن القارىء في نهاية المطاف
لذلك يجب أن نحرص على تدعيمها بكلماتٍ مميزة , بحيث تبدو وكأنها الحلّ للغز الخاطرة باحترام تسلسل روابط المعنى
فتعيدنا الخاتمة إلى بداية الخاطرة
6- ملاحظة هامة : من الضروري جداً احترام اللغة والانتباه إلى حالة كل كلمة مكتوبة من حيث تكوين الجملة وقواعد الإعراب
حفاظاً على الشكل الأمثل للخاطرة و الابتعاد ما أمكن عن نقد الغير.
إخوتي الأكارم , غالباً تُولد الخواطر نتيجةً لضغط نفسيّ بحاجة للبوح والتعبير عن شدّة الحالة , عندها تأتي الخاطرة بشكل بسيط وبكلماتٍ ورموز مقتضبة
وهناك من يجيد كتابتها دون سابق حالة معينة , عندها تصبح نوعاً من الترف الفكري فنجدها أطول بالمعاني وتشعب الأفكار وتكون أقرب إلى المقال منها إلى الخاطرة
لذلك علينا الابتعاد عن الخلط الفكري بين الخاطرة والمقال
فالرموز من سمات الخواطر , والتوجيه من سمات المقال لوجود رسالة داخل المقال يتوجب وصولها للقارىء .