- إن احترام كينونة الشخص و صون كرامته يجعله دائم التطلع إلى بناء جسر من الثقة و المودة بينه و بين من يقوم على انتقاد بعض تصرفاته و سلوكه ، فإن للكلمات اللطيفة و المهذبة أثر مهم في الاحتفاظ بكرامة الشخص و خصوصاً إذا تم التركيز في النقد على سلوك الفرد لا على شخصيته ، لأن هذا ما يهمنا في تقويمه و تصحيح أفعاله ، مما يجعل الأمر قابلاً للتعديل و التحسين .
- إن النقد الموجه للأفراد و ليس إلى سلوكهم يترتب عليه أمور في غاية الخطورة ، فهو يحد من قدرات الأشخاص و يحطم ما لديهم من قيم و قواعد أخلاقيه .
- انظر معي كيف أن سيدنا يعقوب عليه السلام عزا عدم ارتياحه في ذهاب يوسف عليه السلام مع إخوته إلى الذئب و لم يصفهم باللامسؤولية أو التآمر عليه أو غيرها من الألقاب التي توجه النقد إلى ذواتهم .
- قال ربنا عز و جل: { قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ }.
- و المعنى .. إن أباهم أخبرهم أنه ليحزن لغيبة يوسف عنه لفرط محبته له و خوفه عليه ..أن يأكله الذئب . قال يعقوب هذا تخوفاً عليه منهم ، فكنى عن ذلك بالذئب .
- إنك حين توجه النقد لشخص الإنسان ، فإنك بذلك تهينه و تحط من كرامته ، و لن تجني من ذلك سوى الكراهية و الحقد .. بينما إذا حولت نقدك لسلوكه و بأسلوب لبق لا تجريح فيه و لا مهانة ، ستجد أنك قد كسبت محبته و احترامه ، مما يدفعه لتبديل سلوكه المذكور.
- يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم في عشيرته: { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } و لم يقل إني برئ منكم مراعاة لحق القرابة و لحمة النسب.
- تأمل قول سيدنا يعقوب عليه السلام { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } إنه التطلف في القول ، و لم يصف أولاده بالكذب ، إنما قال { سَـوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } ذات الوقع الأفضل و الأقل ضرراً على نفسية الأولاد .
- وقوله {عَلَى مَا تَصِفُونَ } فلم يقل على كذبكم ، و كأنه عزا الكذب إلى قولهم لا إلى شخصهم ، و هذا في غاية البلاغة لأنه كان واثقاً بأنهم كاذبون في الصفة .. وما يصفونه هو موته بأكل الذئب إياه ( أي يوسف عليه السلام ).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته