{ فضل التمسك بالسنة زمن انتشار الفساد }
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( من تمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد )...هل هذا الحديث صحيح ؟ وإن كان صحيحا...فماذا على الإنسان أن يستزيد من الأفعال حتى يعتبر متمسكا بالسنة ؟...أعيش في بلد عربي ولا يخفى الحال...فهل ترك المحرمات يعتبر كافيا لذلك ؟
الحمد للّه
أولا :
السنة النبوية سفينة النجاة وبر الأمان حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بها وعدم التفريط فيها فقال : ( فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء المهديّين الرّاشدين تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنّواجذ وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة ) رواه أبو داود (4607) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وحين يكثر الشر والفساد وتظهر البدع والفتن يكون أجر التمسك بالسنة أعظم ومنزلة أصحاب السنة أعلى وأكرم فإنهم يعيشون غربة بما يحملون من نور وسط ذلك الظلام وبسبب ما يسعون من إصلاح ما أفسد الناس .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء . قيل : من هم يا رسول اللّه ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد النّاس ) أخرجه أبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (1/25) من حديث ابن مسعود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1273) وأصل الحديث في صحيح مسلم (145)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إنّ من ورائكم أيّام الصّبر الصّبر فيه مثل قبض على الجمر للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله - وزادني غيره - قالوا يا رسول اللّه أجر خمسين منهم ؟! قال : أجر خمسين منكم )
رواه أبو داود (4341) والترمذي (3058) وقال : حديث حسن وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (494)
وفي بعض روايات الحديث قال : ( هم الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس ) .
والتمسك بالسنة يعني أمورا :
1- القيام بالواجبات واجتناب المحرمات .
2- اجتناب البدع العملية والاعتقادية .
3- الحرص على تطبيق السنن والمستحبات بحسب قدرته واستطاعته .
4- دعوة الناس إلى الخير ومحاولة إصلاح ما أمكن .
جاء في محاضرة للشيخ ابن جبرين حول حقيقة الالتزام (ص/10) :
لا شك أن السنة النبوية مدونة وموجودة وقريبة وسهلة التناول لمن طلبها فما علينا إلا أن نبحث عنها فإذا عرفنا سنة من السنن عملنا بها حتى يصدق علينا قول ( فلان ملتزم ) ولا ننظر إلى من يخذّل أو من يحقر أو من يستهزئ ونحو ذلك .
والسنن قد تكون من الواجبات وقد تكون من الكماليات أو من المستحبات وقد تكون من الآداب والأخلاق فعلى المسلم أن يعمل بكل سنة يستطيعها وذلك احتسابا للأجر وطلبا للثواب .
فالملتزم هو الذي كلما سمع حديثا فإنه يسارع في تطبيقه ويحرص كل الحرص على العمل به ولو كان من المكملات أو من النوافل .
فتراه مثلا يسابق إلى المساجد ويسوؤه إذا سبقه غيره وتراه يسابق إلى كثرة القراءة وكثرة الذكر أكثر من غيره وتراه يكثر من أنواع العبادات ويحرص كل الحرص أن تكون جميع أعماله وعباداته متبعا فيها السنة وليس فيها شيء من البدع حتى تكون تلك الأعمال والعبادات مقبولة عند الله لأنه متى قبل العمل فاز المسلم برضوان ربه
نسأل الله أن تكون أعمالنا مقبولة عنده إنه سميع مجيب انتهى .
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في المنتقى (2/سؤال رقم/270) :
يجب عليك الالتزام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحافظة عليها وألا تلتف إلى عذل من يعذلك أو يلومك في هذا خصوصا إذا كانت هذه السنن من الواجبات التي يجب التمسك بها لا في المستحبات وإذا لم يصل الأمر إلى التشدد أما إذا كان الأمر بلغ بك إلى حد التشدد فلا ينبغي لك
ولكن ينبغي الاعتدال والتوسط في تطبيق السنن والعمل بها من غير غلو وتشدد ومن غير تساهل ولا تفريط
هذا هو الذي ينبغي عليك
وعلى كل حال أنت مثاب إن شاء الله وعليك بالتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .
ثانيا :
أما الحديث الذي ذكره السائل الكريم في أن للمتمسك بالسنة عند فساد الناس أجر شهيد أو أجر مائة شهيد فهو حديث ضعيف لا يصح وهذا شيء من الكلام عليه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد )
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/31) وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء (8/200)
وفي سنده علتان :
1- تفرد عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ومثله لا يحتمل تفرده .
2- جهالة محمد بن صالح العذري : قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/172) : لم أر من ترجمه .
ولذلك ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (327) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد )
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/327) وسنده ضعيف جدا فيه الحسن بن قتيبة : متروك الحديث انظر ترجمته في لسان الميزان (2/246) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (326)
والله أعلم .