لندن ـ 'القدس العربي': مع قرب خروج القوات الامريكية واستمرار عمليات التخفيض في عدد الجنود الى 50 الف جندي بنهاية الشهر القادم، جاءت تحذيرات قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ريموند اوديرنو من امكانية تعرض القوات الامريكية في طريقها خارج العراق الى خطر هجمات من جماعات تنتمي الى القاعدة في بلاد الرافدين او ميليشيات مدعومة من ايران لتذكر الجنود العائدين ان خطرا اكبر ينتظرهم في قواعدهم العسكرية في امريكا.
فمع ان الجنود كانوا يتوقعون موتا قاسيا في المواجهات اثناء عملهم في وحداتهم في العراق الان فرص وامكانيات تعرضهم لموت اقسى في امريكا تظل اكبر، ففي العراق يظل العدو قناصا او قنبلة مزروعة في الطرقات او سيارة مفخخة قد تؤدي للموت او اعاقة دائمة لكن في امريكا الخطر يتمثل في الادمان على الشراب والمخدرات او الاصابة بامراض نفسية والانتحار.
وفي تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' تشير الى ان جنود اللواء الرابع الذي يعتبر من اكثر الوية الجيش سجلا في مجال الانتحار والجريمة يتم تأهيله في فورت بليس بولاية تكساس من اجل التصدي لمشاكل ما بعد المهمات العسكرية في العراق والتي تتركز على الانتحار والقتل وجرائم ترتكب بسبب تاثير المخدرات والخمور وتظل اشد على جنود اللواء من الدوريات التي كانت تتم في العراق.
فمثلا لم يفقد اللواء سوى جندي من جنوده في اثناء مواجهات في العراق العام الماضي لكن عدد ما فقدتهم عام 2008 لاسباب اخرى كان اكبر فقد قتل سبعة من جنودها وستة ارتكبوا جرائم. كما تم اكتشاف مواد مخدرة مثل الهيروين واشرطة فيديو جنسية منتجة داخل المعسكر والتي كانت توزع بين الجنود والتي تصور مشاهد جنسية بين جندية وخمسة جنود برتبة رقيب.
وتنقل الصحيفة عن عقيد قوله ان العودة الى القاعدة لا يعني ان الجنود سيتصرفون بشكل جيد لان الجيش منذ هجمات ايلول (سبتمبر) 2001 ظل منتشرا على الجبهات خارج الولايات المتحدة.
ولهذا بدأ المسؤولون العسكريون يركزون على المشاكل التي قد تواجه الجنود العائدين من العراق مع استمرار تخفيض الجنود من 85 الفا في الوضع الحالي الى 50 الفا مع نهاية آب (اغسطس) والتأكد من مرحلة انتقالية طبيعية للجنود بعد الدروس التي تم تعلمها من تجربة من عادوا من قبل. وتشير الى ان تجربة اللواء الرابع تعود الى ما يراه قادتها الجهل بما يعانيه الجنود من رضوض اصابت عقول الجنود اثناء تواجدهم في ساحات القتال. وتعود تجربة اللواء القاسية نظرا لانتشاره في الموصل المنطقة في شمال العراق التي لا تزال من اخطر مناطق العراق وتتواصل فيها المعارك ويحاول القادة ابقاء الجنود في اوضاع تشبه اوضاعهم في الشمال هذا بعد عودتهم ثم نقلهم تدريجيا لاجواء الحياة في المعسكرات.
ويرى القادة ان الجنود الذين واجهوا معارك وتحديات لمدة تزيد عن 14 شهرا في العراق لا يمكن اعادتهم لوضعهم السابق في المعسكر بطريقة سريعة. ويبدو ان الاهتمام باللواء الرابع بسبب سمعته السيئة والمثيرة للحرج من ناحية الجريمة والادمان والانتحار.
ويحمل اللواء اسوأ سجل في هذا المجال من بين وحدات والوية الجيش الامريكي. وعلى الرغم من عدم وجود ارقام عن عدد حالات القتل والانتحار الا ان القادة يأملون في تأكيد عمليات الانتقال بشكل طبيعي لحين نقل الجنود لمهمة اخرى مما سيجعل نجاح العملية نموذجا لكل الالوية والجنود الذين يعانون من مشاكل تكيف.
وعن نجاعة التجربة يقول مسؤولون تنقل عنهم الصحيفة ان حالات الجريمة تراجعت وان ما سجل هو تجاوزات سياقة بعد تناول الخمور ولم تؤد الى حوادث خطيرة.
ويعتمد المسؤولون على اساليب تتراوح شدة بين العقاب والزحف الى الثناء على ما عمله الجنود في العراق ودعوة ابائهم لحضور تكريمهم وفي احيان عقد مناسبات اجتماعية يشارك فيها الاطفال خاصة للجنود الذين يعانون من حالات نفسية.
كما وسعت ادارة الجيش قائمة الجنود الذين يعانون من مخاطر الاصابة النفسية بسبب تجربتهم لتشمل الجنود الذين قد يكونون عرضة للاصابة في المستقبل. وعادة ما يتم استقبال الجنود الذين يعتبرون خطرا على انفسهم والاخرين في المطار وينقلون حالا لمقابلة مسؤولين صحيين ومحللين نفسيين وفي بعض الحالات بحضور عائلاتهم. ونقل عن قائد فرقة قوله انه طلب من جنوده قراءة كتاب 'من حرك جبنتي' الذي كتبه سبنسر جونسون ويتحدث عن مشاكل التغيير كي يساعدهم اي الجنود على مواجهة التغيير. فيما تم تعيين مدرب كرة قدم سابق من اجل مساعدة الجنود واعادة الثقة بانفسهم. وتم تدريب الجنود على طرق لمنع حالات الانتحار، وشجع الجنود بطرح اسئلة عن حياة زملائهم الخاصة من اجل معرفة ان كانوا يعانون من مشاكل عاطفية واسرية تؤثر على اوضاعهم النفسية.
وتنقل الصحيفة عن عقيد قوله ان هناك رغبة شديدة في التغيير اي سلوكيات الجنود والا ظل الجنود يعانون من اثار الحرب التي يخوضها الجيش الامريكي منذ 8 اعوام.
ويبدو ان مخاوف قادة الجيش حول اداء وتصرفات الجنود العائدين هي التي ادت بالبحث عن برنامج لاعادة تأهيلهم فقد اخبر عقيد جنوده قبل شهور انه لا يريد عودتهم الى قاعدتهم لان وجودهم في العراق واعتقادهم انهم يخوضون معارك ضد من يحاولون قتلهم آمن عليهم من العودة، فقد اضطر قائد الفرقة الى طرد 150 من الجيش وقدم لوائح تأديبية ضد ما نسبته عشرة بالمئة من عدد افرادها 3500 جندي. فيما حكم على ستة من جنودها احكاما وصلت الى 15 عاما في السجن بسبب جرائم ارتكبوها، واشكال اخرى من القتل او الانتحار بسبب تناول جرعات عالية من المخدرات.
وكان الجنرال اوديرنو قد اكد ان اي هجمات من ميليشيات شيعية او القاعدة لن يثني القوات الامريكية عن خطط تخفيض القوات، وذكر تحديدا ميليشيات كتائب حزب الله المدعومة من ايران وقاعدة بلاد الرافدين كمصدر من مصادر الخطر على القوات الامريكية المغادرة.
واشار الجنرال الى وجود تقارير امنية تتحدث عن نشاطات القاعدة في صحراء شمال العراق. واكد ان القاعدة في حالة من التشتت وغير قادرة على التواصل مع قادتها في باكستان وافغانستان.