الألــم والأمــل
اعلم أن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك الألم والأمل وجهان لعملة واحدة تبدو في البداية تناقضا ولكنها الحقيقة الزائفة في هذا الوجود التي تجعل الحياة بلا ذوق ولا طعم حين التعمق في حيثية التناقض ، كيف لي أن أعيش الأمل وكلي ألم ؟.
نفس اليتيم كلها ألم وليس لها للأمل طريق لأنه مسدود أمام عودة للوالدين قد تكون سرابا وزيفا ، وأي نفس للفقير في هذه الحياة الضنكى وهو يقرأ قول الشاعر:
ان الدراهم فى المجالس كلها *** تكسوا الرجال مهابة وجــــــــــلالا
فهى اللسان لمن اراد فصاحة *** وهى السلاح لمن اراد قـــــــــــتالا
ولكن الحقيقة المثالية المطلقة تقرأ بألا فقر كالجهل ولا غنى كالعلم هذا العلم الذي يسير به الإنسان دون خوف أو جزع لتنكسر على جسمه الصلب ونبضه الحي كل أنواع الصعاب ، وإنما الفقر فقر الروح وخواء النفس وجفاء القلب وحسرة الفؤاد .
إن الحقيقة تجعل من الحياة كالغابة البقاء فيها للأقوى ولا حياة للضعيف دونما كفيل أو معين ، ولكننا حين نسبح في فضاءات النفس البشرية نجد النفحة الأخيرة في أنفاسه والومضة الأخيرة من وجدانه والنبضة الأخيرة من قلبه ، أفرأيت الليل المطبق كيف تتراوح نسماته بعبير الشجر وتتندى أسحاره بعبير السحر في كل هذه الفضاءات تبدأ مسيرة الحياة بخطوة وتمتد إلى خطوات ولكنها تنتهي بخطوة ليست ككل الخطوات إنها خطوة الموت ، ومنها تلفنا الحياة بالنبض من جديد ليعم الأمل وينتشر ضوء الصبح المشرق لتجعل من الإنسان قلب الرحى في هذه المعركة الأبدية بين الخير والشر والنور والظلام وبين الفقر والغنى والألم والأمل.