لا أعرف إلى متى سنعيش في زمن المجاملات ، و اسمحوا لي أن اسميه النفاق والكذب ، لأنه وجهان لعملة واحدة ، صحيح المجاملات تعكس على تعاملات الناس حالة من الجو الإيجابي ، لكن ليس في كل الأوقات ، بل أحيانا تنعكس على المجامل حتى يقوم بتوبيخ نفسه ، لأنه لم يكن صادقاً حينما تلفظ بتلك الكلمات ، أو كان على أوجه الإستعداد للقيام بذلك . ما أعنيه هنا هو عندما تقابل شخصا أو تشاهده بالصدفه ، فالنفاق المعروف أنه في نهاية الحديث أن يقوم أحد الأطراف بقول : تفضل عندنا ، القهوة جاهزة … إلخ . هذه المجاملات أكرهها وبعنف صراحة ، لأنها لا تنبئ على ما في القلب بل كله كذب ورياء ، لأن زمن الضيافة الحقيقي على قولة القايل ( ولــّى ) ، وأعتقد أن هذا النفاق ماركة مسجلة لمن لا يبتون لحاتم الطائي أي صلة.
و بصراحة تامة … عانيت كثيرا من هذه الفئات التي اتخذت هذه العادات مذهباً لها ، ربما فقط لإثبات الإيجابية في ذاته ، أو أقرب ما تكون هذا ما وجدنا عليه آبائنا. لا أحب هذه الفئة من الناس ، ولا أحبذ أن أقابلهم نهائيا ، ( لأن ودك الواحد أحيانا ما تبان علومه ) ، سبق وأن حصلت لي مواقف معهم و كلها عن حسن نية ( الولد على نيااااته ) ، اتصلت بأحدهم ليصف لي مكان ، تمت المحادثة ووُصف لي المكان ، بالأخير قال : وش رايك نتعشى سوا ؟ ، قلت له : جميل جداً ، لأني أريدك في موضوع أريد انهائه ، فقط ساعة و سأعاود الإتصال بك ، انهيت عملي و اتصلت عليه و قال : أنا معزوم أخلص من العشاء وأتصل عليك ، عدت إلى البيت لأنه لن يتصل ، وبالفعل لم يتصل !!!. أيضا سمعت أنا أحداً تذمر من ضيفه لأنه قبل الدعوة النفاقية و تعطلت جميع أعماله و مواعيده ، فبعد هذه المواقف وغيرها أصبحت لا أقبل الدعوات التي تأتي بالصدفة ، حتى وإن كانت بعد يوم أو يومين ، لأنه لو كنت مقصودا لاتصل عليك.
في رمضان رأيت طرق جديدة في الدعوة ، بحيث أنه يدعوك إلى الفطور قبل الأذان بربع ساعة ، فقط لأنه قابلك عند ( الكاشير ) ، ويلح في الدعوة على الفطور وإذا لم تستجب يقولك : طيب بعد الفطور … يرحم أبوك بلا نفاق.