ابو احمد **//نائب المدير**//**
عدد المساهمات : 6783 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
| موضوع: تفسير سورة الانفال الخميس سبتمبر 27, 2012 9:40 am | |
|
لتعريف بسورة الأنفال
نعود الآن إلى القرآن المدني - بعد سورتي الأنعام والأعراف المكيتين - وقد سبقت منه في هذه الظلال - التي نسير فيها وفق ترتيب المصحف لاوفق ترتيب النزول - سور:البقرة , وآل عمران , والنساء والمائدة . . ذلك أن الترتيب الزمني للنزول لا يمكن القطع فيه الآن بشيء - اللهم إلا من ناحية أن هذا قرآن مكي وهذا قرآن مدني على وجه الإجمال , على ما في هذا من خلافات قليلة - فأما الترتيب الزمني المقطوع به من ناحية زمن نزول كل آية أو كل مجموعة من الآيات أو كل سورة , فيكاد يكون متعذراً ; ولا يكاد يجد الإنسان فيه اليوم شيئاً مستيقناً - إلا في آيات معدودات تتوافر بشأنها الروايات أو تقطع بشأنها بعض الروايات . . وعلى كل ما في محاولة تتبع آيات القرآن وسوره وفق الترتيب الزمني للنزول من قيمة , ومن مساعدة على تصور منهج الحركة الإسلامية ومراحلها وخطواتها , فإن قلة اليقين في هذا الترتيب تجعل الأمر شاقاً ; كما أنها تجعل النتائج التي يتوصل إليها تقريبية ظنية , وليست نهائية يقينية . . وقد تترتب على هذه النتائج الظنية التقريبية نتائج أخرى خطيرة . . لذلك آثرت في هذه الظلال أن أعرض القرآن بترتيب سوره في المصحف العثماني ; مع محاولة الإلمام بالملابسات التاريخية لكل سورة - على وجه الإجمال والترجيح - والاستئناس بهذا في إيضاح الجو والملابسات المحيطة بالنص - على وجه الإجمال والترجيح أيضاً - على النحو الذي سبق في التعريف بالسور الماضية في هذه الطبعة الجديدة من الظلال . . وعلى هذا النحو نمضي - بعون الله - في هذه السورة . .
نزلت سورة الأنفال التي نعرض لها هنا بعد سورة البقرة . . نزلت في غزوة بدر الكبرى في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة بعد تسعة عشر شهراً من الهجرة على الأرجح . . ولكن القول بأن هذه السورة نزلت بعد سورة البقرة لا يمثل حقيقة نهائية . فسورة البقرة لم تنزل دفعة واحدة ; بل أن منها ما نزل في أوائل العهد بالمدينة , ومنها ما نزل في أواخر هذا العهد . وبين هذه الأوائل وهذه الأواخر نحو تسع سنوات ! ومن المؤكد أن سورة الأنفال نزلت بين هذين الموعدين ; وأن سورة البقرة قبلها وبعدها ظلت مفتوحة ; تنزل الآيات ذوات العدد منها بين هذين الموعدين ; وتضم إليها وفق الأمر النبوي التوقيفي . ولكن المعول عليه في قولهم:إن هذه السورة نزلت بعد هذه السورة , هو نزول أوائل السور . كما ذكرنا ذلك في التعريف بسورة البقرة .
وفي بعض الروايات أن الآيات من 30 إلى غاية 36 من سورة الأنفال مكية . . وهي هذه الآيات:
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك . ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين . وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا:قد سمعنا . لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين . وإذ قالوا:اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء , أو ائتنا بعذاب أليم . وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم , وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون . وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام , وما كانوا أولياءه , إن أولياؤه إلا المتقون , ولكن أكثرهم لايعلمون . وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية , فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون . إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله , فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون , والذين كفروا إلى جهنم يحشرون . .
ولعل الذي دعا أصحاب هذه الروايات إلى القول بمكية هذه الآيات أنها تتحدث عن أمور كانت في مكة قبل الهجرة . . ولكن هذا ليس بسبب . . فإن هناك كثيراً من الآيات المدنية تتحدث عن أمور كانت في مكة قبل الهجرة . وفي هذه السورة نفسها آية:26 قبل هذه الآيات تتحدث عن مثل هذا الشأن:
(واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض , تخافون أن يتخطفكم الناس , فآواكم وأيدكم بنصره , ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون). .
كما أن الآية:36 وهي الأخيرة من تلك الآيات تتحدث عن أمر كان بعد بدر , خاص بإنفاق المشركين أموالهم للتجهيز لغزوة أحد:
(إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله . فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة , ثم يغلبون , والذين كفروا إلى جهنم يحشرون). .
والروايات التي تذكر أن هذه الآيات مكية ذكرت في سبب النزول مناسبة هي محل اعتراض . فقد جاء فيها:أن أبا طالب قال لرسول الله [ ص ] ما يأتمر به قومك ? قال:يريدون أن يسحروني ويقتلوني ويخرجوني ! فقال:من أخبرك بهذا ? قال:ربي . قال:نعم الرب ربك . فاستوص به خيراً ! فقال رسول الله [ ص ]:أنا استوصي به ! بل هو يستوصي بي خيراً ! فنزلت: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك). . الآية . .
وقد ذكر ابن كثير هذه الرواية واعترض عليها بقوله:" وذكر أبي طالب في هذا غريب جداً , بل منكر . لأن هذه الآية مدنية . ثم إن هذه القصة , واجتماع قريش على هذا الائتمار , والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل , إنما كانت ليلة الهجرة سواء . وذلك بعد موت أبي طالب بنحو من ثلاث سنين . لما تمكنوا منه واجترأوا عليه بسبب موت عمه أبي طالب , الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه " . .
وقد ذكر ابن إسحاق . عن عبد الله ابن أبي نجيح . عن مجاهد . عن ابن عباس - وعنه كذلك من طريق آخر - حديثاً طويلاً عن تبييت قريش ومكرهم هذا , جاء في نهايته قوله:" . . وأذن الله له عند ذلك بالخروج , وأنزل عليه - بعد قدومه المدينة - "الأنفال" يذكره نعمه عليه , وبلاءه عنده:(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك , ويمكرون ويمكر الله . والله خير الماكرين)" . .
وهذه الرواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - هي التي تتفق مع السياق القرآني قبل هذه الآيات وبعدها . من تذكير الله سبحانه لنبيه [ ص ] وللمؤمنين بما أسلف إليهم من فضله ; في معرض تحريضهم على الجهاد في سبيل الله والاستجابة لما يدعوهم إليه منه والثبات يوم الزحف . . إلى آخر ما تعالجه السورة من هذاالأمر كما سنبين . . والقول بأن هذه الآيات مدنية كالسورة كلها هو الأولى
وبعد , فإنه من أجل مثل هذه الملابسات في الروايات الواردة عن أسباب النزول , آثرنا المنهج الذي جرينا عليه في عرض القرآن الكريم كما هو ترتيب السور في مصحف عثمان - رضي الله عنه - لا وفق ترتيب النزول الذي لا سبيل اليوم فيه إلى يقين . . مع محاولة الاستئناس بأسباب النزول وملابساته قدر ما يستطاع .
والله المستعان . .
هذه السورة نزلت في غزوة بدر الكبرى . . وغزوة بدر - بملابساتها وبما ترتب عليها في تاريخ الحركة الإسلامية وفي التاريخ البشري جملة - تقوم معلماً ضخماً في طريق تلك الحركة وفي طريق هذا التاريخ .
وقد سمى الله - سبحانه - يومها (يوم الفرقان يوم التقى الجمعان). . كما أنه جعلها مفرق الطريق بين الناس في الآخرة كذلك لا في هذه الأرض وحدها ; ولا في التاريخ البشري على هذه الأرض في الحياة الدنيا وحدها . فقال سبحانه:(هذان خصمان اختصموا في ربهم:فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار , يصب من فوق رؤوسهم الحميم , يصهر به ما في بطونهم والجلود . ولهم مقامع من حديد . كلما أرادوا أن يخرجوا منها - من غم - أعيدوا فيها , وذوقوا عذاب الحريق . . إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير . وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد . .). . [ الحج:19 - 24 ] وقد ورد أن هذه الآيات نزلت في الفريقين اللذين التقيا يوم بدر . . يوم الفرقان . . لا في الدنيا وحدها , ولا في التاريخ البشري على الأرض وحدها ; ولكن كذلك في الآخرة وفي الأبد الطويل . . وتكفي هذه الشهادة من الجليل - سبحانه - لتصوير ذلك اليوم وتقديره . . وسنعرف شيئاً من قيمة هذا اليوم , حين نستعرض الوقعة وملابساتها ونتائجها . .
ومع كل عظمة هذه الغزوة , فإن قيمتها لا تتضح أبعادها الحقيقية إلا حين نعرف طبيعتها وحين نراها حلقة من حلقات "الجهاد في الإسلام" , وحين ندرك بواعث هذا الجهاد وأهدافه . كذلك نحن لا ندرك طبيعة "الجهاد في الإسلام" وبواعثه وأهدافه , قبل أن نعرف طبيعة هذا الدين ذاته . .
لقد لخص الإمام ابن القيم سياق الجهاد في الإسلام في "زاد المعاد" , في الفصل الذي عقده با
| |
|
جوهرة فلسطين **//**نائب المدير**//**
عدد المساهمات : 2400 تاريخ التسجيل : 14/04/2012
| موضوع: رد: تفسير سورة الانفال الخميس سبتمبر 27, 2012 1:38 pm | |
| | |
|
ابو احمد **//نائب المدير**//**
عدد المساهمات : 6783 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
| موضوع: رد: تفسير سورة الانفال الجمعة سبتمبر 28, 2012 9:29 am | |
| | |
|