همس و جوهرة ابهجنى مروركم العطر
واليكم موقف اليوم وأحد الصحابه
سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه
عثمان بن عفان هو ثالث الخلفاء الراشدين شخصية تميزت بالطهر و النبل و الاستقامة حمل على عاتقه مسؤوليته في عزم و ثبات و عندما لم يجد ما يحمي به هذه المسؤولية سوى حياته جاد بها في سماح منقطع النظير.
عاش قبل إسلامه حياة مستقرة آمنة ولكن حين دعاه الواجب لم يتأخر فخرج إلى دعوة الله ودعوة رسوله عليه الصلاة والسلام في الساعات الأولى من بزوغ فجر الرسالة وأخذ مكانه إلى جوار الرسول الكريم مع السبعة الأوائل الذين آزروه وساندوه وهم على علم بما سيلا قونه من كيد ومصاعب . كل هذا يدل على أن الهجرة لم تكن بالنسبة إلى عثمان مجرد سفر من مكان إلى آخر بل كانت تنازلا عن حياة حافلة عريضة لحياة أخرى اتسمت بالتضحية والبذل والعطاء. وقد قال صلى الله عليه وسلم في عثمان وفي رقية : (إنهما أول بيتٍ هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط) قال إبراهيم عليه السلام: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصافات:99] فكان أول بيت هاجر بعد إبراهيم ولوط بيت عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
اتصف عثمان بن عفان بمزايا وخصال متعددة لكن أهم ميزتين كانتا تسيطران عليه وتحددان شخصيته هما السماحة والحياء, فقد كان رضي الله عنه يستحي من الله عز وجل الذي كان يرى آيات وجوده تلمع في وجدانه , ويستحي من رسوله الذي كانت آيات صدقه تملأ الأنفس إيمانا ويقينا. وهاتان الصفتان لازمتاه منذ بداية إسلامه, إذ بمجرد ما أن همس أبو بكر الصديق في أذنه بنبإ الدعوة الجديدة حتى انفتح لها قلبه واستقبلها بإيمان وصدق. ولعل خيردليل على تشبته بهاتين الصفتين قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( ما ضر عثمان ما صنع بعد اليوم. اللهم ارض عن عثمان, فإني عنه راض!). وما روته عائشة رضي الله عنها : ( أن أبا بكر استأذن يوما على رسول الله وكان الرسول مضطجعا وقد انحسر جلبابه عن إحدى ساقيه, فأذن لأبي بكر فدخل, وأجرى مع الرسول حديثا ثم انصرف.. وبعد قليل جاء عمر فاستأذن فأذن له, ومكث مع الرسول بعض الوقت ثم مضى... وجاء بعدهما عثمان, فاستأذن وإذا الرسول يتهيأ لمقدمه فيجلس بعد أن كان مضطجعا , ويسبل ساقه فوق ساقه المكشوفة, فيقضي عثمان معه بعض الوقت وينصرف. فتسال عائشة الرسول عليه الصلاة والسلام قائلة: يا رسول الله , لم أرك تهيأت لأبي بكر ولا لعمر كما تهيأت لعثمان؟ فيجيبها الرسول : إن عثمان رجل حيي , ولو أذنت له وأنا مضطجع لاستحيا أن يدخل , ولرجع دون أن أقضي له الحاجة التي جاء من أجلها . يا عائشة: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟).
إنها لبالفعل خصلة رائعة لم تفارق صاحبها مطلقا وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يشيد بها دائما