-لو سالت الفنان:لماذا ينتج؟...لما اجاب بجواب واحد في كل الاحوال...فهو في شبابه,عندما تسيطر عليه الأحلام و تغدى وجوده الأوهام, و لا يعرف بعد من الحياة الا جانبها البراق الخداع و لا يحمل من تكليفها ما يبهظ او يثقل,و لا يؤمن من حقائق الدنيا بغير الكلمات الكبيرة,و لا يرى من القيم غير المعاني العظيمة...فانه يقول :أنتج من اجل المجد.
فادا سالته في كهولته ...و قد تبددت الاحلام.و انقشعت الاوهام.و ظهر من الحياة وجهها الحقيقي فاترا ساخرا, و أقبلت الدنيا تلقي على منكبيه الاثقال و التبعات . و خلعت الكلمات الكبيرة سحرها و زال عن المعاني العظيمة رنينها .و خيل اليه ان جهده باطل و ان الناس من حوله يجدّون ,و هو الهازل...فانه يقول انتج من اجل المال.
فادا اعطيته المجد و المال ,ذلك المجد الذي لا مطمح بعده لطامح و المال الذي لا مطمع بعده لطامع و ألفى نفسه مسموع الكلمة مرهوب الجانب,باشارة من يده يستطيع ان يقيم الناس و يقعدهم و يغير بهم و يصلحهم ...ووجد نفسه في قصور مرفوعة القباب عامرة بالجوارى و الجنات.تحت إمرته أكثر من يخت يجوب به البحار و الانهار,و أكتر من هوية تشغله ,و لعبة تلهيه,فإنك ترى منه بعد ذلك العجب الاكبر...
انه ينتج ايضا...
فإدا سالته لماذا,و لمن ينتج هذا الفن؟....فإنه يقول :لا بد من ان اخلق...و لا تسألني لماذا, ولا لمن؟.
لا توجد ادا الا حقيقة واحدة في كل ذلك :هي أن الفنان قد خلق ليخْلق ....و مهما تكن
الاسباب التي ينتحلها او تنتحل له تبريراً لعلمه.
فان السبب الاكبر هو ان قبسا حل فيه من صفة الخالق الأعضم.....