أليسار - أميرة من الساحل السورية ابنة « متّان » الأول ملك صور ووالد « بيجماليون » حين شعر « متّان » بدنو أجله أوصى أن تشترك « أليسار » في الحكم مع أخيها بيجماليون , لما كانت عليه من حدة ذكاء وقوة إرادة , ودهاء سياسي .
أما « بيجماليون » فهو الاسم الإغريقي للإله السوري - الفينيقي الجميل « بومباي » , وهو اله ساحلي بحري انتشرت عبادته في مساحة جغرافية شكلُها مثلث قائم الزاوية , يبدأ من اللاذقية إلى قبرص ثم إلى صور.
كان « بيجماليون » ملكاً على جزيرة قبرص , وكان نحاتاً بارعاً قضى شطراً من حياته عازباً يبحث عن الحب , إلى أن صنع تمثالاً عاجياً لامرأة عارية جميلة فأسقط حبه للمرأة على هذا التمثال الذي أحيته له « افروديت » استجابة لابتهالاته
رفض " بيجماليون " أن تشاركه أميرة الحكم وشاركه الشعب في ذلك , فرضخت « أليسار » للأمر الواقع وتزوجت « زيكار - بعل » كاهن الإله « ملقرت » في صور , وهو يعرف في المصادر الإغريقية باسم« اسربال , او سيشربال » .
- طمع « بيجماليون » بثروة زوج أخته , الهائلة , كاهن الإله « ملقرت » لان « ملقرت » تبوأ رئاسة مجمع آلهة الساحل حوالي القرن العاشر قبل الميلاد , وقد امتدت عبادته على طول الساحل حتى اوغاريت , وكانت معابده منتشرة ليس على طول الساحل السوري فقط , بل في جميع المستوطنات الفينيقية في حوض البحر الأبيض المتوسط حتى وصلت إلى جانبي «جبل طارق ».
وكان ملوك « صور » يتبارون في تمجيده وتقديم النذور له , لذلك ليس غريباً أن يطمع « بيجماليون » بالثروة الهائلة لهذا الكاهن , فعمد إلى قتله ليحصل عليها .
عاشت أليسار فترة من الزمن غير عالمة بمقتل زوجها إلى أن قرر أخوها اغتيالها أيضاً , فظهر لها شبح زوجها في الحلم وأعلمها بما فعل أخوها وبنيّاته السيئة نحوها , ونصحها بأن تهرب مع كنوزها فهربت « أليسار » , خلسة مصطحبة معها جميع الكنوز , وحاشية مؤلفة من خيرة العائلات المخلصة لذكرى زوجها , كاهن ملقارت .
أبحر المهاجرون إلى قبرص , و وافق كاهن عشتروت على مرافقتهم لقاء الحصول على رئاسة الكهنوت بصورة وراثية في عائلته , واصطحب الموكب معه ثمانين فتاة من مختلف المناطق الساحلية ليقمن بدور العذارى المقدسات , ويؤمنّ استمرارية الطقوس الدينية لتقاليد الساحل السوري .
عند وصول أليسار وجماعتها إلى الشاطىء الإفريقي , رحب بهم وفد من سكان السواحل السوريي الأصل « الفينيقيين » والمقيمين في « اوتيكا » يصحبهم جماعة من السكان الأصليين .
وانشأ المهاجرون مدينة جديدة سموها « قرت - جدة » أي«القرية - الجديدة » ثم ادغم هذا الاسم وصار فيما بعد في التاريخ « قرطاجة » ثم « قرطاج » .
تغنّى « فرجيل » بقصة « أليسار » وأطلق على هذه الأميرة اسم « ديدو - أو ديدون » ويروي في كتاباته قصة طريفة وعجيبة عن دهاء وحنكة هذه الأميرة السورية , مفادها أن « أليسار » عندما هبطت إلى الأرض طلبت من السكان المحليين أن يهبوها قطعة أرض مساحتها جلد بقرة , وبعد أن وافق السكان على طلبها هذا , أتت بجلد البقرة وقصته شرائط رفيعة جداً , ثم وصلتها فحصلت على حبل يبلغ من الطول ما يكفي لإحاطة مساحة كافية لبناء مدينة كاملة , فأنشأت قرطاجة التي سرعان ما ازدهرت , وقد حسدها ملك الشعب الصحراوي « لابراس » وطلب يدها ليتزوجها , لكنها أصرت على الوفاء لذكرى زوجها الأول , وعندما هددها آثرت الانتحار ملقية بنفسها في المحرقة بين اللهب , وقد هزت تضحيتها هذه الشعب , فرفعها إلى مصاف الآلهة , وأقيم لها معبد قرب المرفأ واقترن اسمها باسم افروديت وعشتروت .