كان شابا ضائعا، مستهترا بكل القيم ، لا يتورع عن اقتراف أية معصية ،
يعيش كما يعيش الكثير من الشباب من غير هدف في هذه الحياة،
وكأنه لا يموت غدا،
لايعرف في هذه الحياة سوى "الشهوة" يغدو ويروح من أجلها،
اتفق مع صاحب له من طينته نفسها للسير سويا لمشاهدة
الفيلم الذي تعرضه السينما،
واتفق معه على انتظاره قرب السينما ، وأثناء انتظاره لصاحبه مر عليه صديق قديم
دون أن يعرف من ذلك الشخص الذي أوقف سيارته خلف سيارته،
وماذا عساه يريد ؟ وبعد إلقاء التحية
سأل ذلك الصديق:
هل تعرفني؟
انظر جيدا في ملامحي!
أوه هل أنت فلان الذي درست معي في الابتدائية؟
نعم أنا هو بلحمه وشحمه.
تعانق الاثنان ، وأخذا يتذكران أيام الماضي بحلوها ومرها،
ثم سأله ذلك الصاحب
الذي يبدو على ملامحه التدين: ماذا تنتظر هنا؟
أنتظر صديقا لي للذهاب إلى السينما.
لماذا لا تأتي معي إلى بعض الأصدقاء لتفطر معنا وحتى نعوض ما فاتنا
من الأيام؟
إذا لم يأت صاحبي فسأذهب معك.
فات الموعد المتفق عليه ولم يأت صاحبه، فقرر الذهاب
مع ذلك الصاحب القديم مجاملة له،
وعندما وصلا إلى مكان الإفطار، رأى لأول مرة في عمره
شبابا في عمره لا يجتمعون على معصية،
بل على طاعة من طاعات الله،
وكلهم صائمون في غير رمضان، وقد علت محياهم سيما الصلاح،
وكل منهم رحب به دون أن يعرفه من قبل، والابتسامة لا تفارق وجها من وجوههم.
انطلق صوت أحد أولئك الشباب بأذان المغرب، يختلط مع صوت الأمواج
الهادئة التي كانت قريبة من "الشاليه" الذي كانوا يفطرون به،
وإذا بأحدهم يقدم له تمرة، فقال له: شكرا، ولكنني لست بصائم.
قال له صاحبه: ما عليك ! مجرد مشاركة معنا ،
وأقيمت الصلاة فدخل عليهم في الصلاة لأول مرة منذ أن تركها فترة طويلة،
وبعد الصلاة قام أحد الشباب بإلقاء خاطرة إيمانية دخلت كل كلمة فيها إلى
أعماق قلبه،
وبعد الإفطار استأذن من صاحبه ليعود إلى البيت، كان يفكر في
هذا الجمع الطيب،
وتلك الكلمات التي لم يسمع مثلها من قبل، أو ربما سمع مثلها كثيرا،
ولكن لأول مرة يسمعها بقلب متفتح،فكان يحاسب نفسه أثناء قيادته
سيارته إلى متى
أظل عليه هذا الطريق؟
أما آن الأوان للاستقامة؟ ما المانع من ذلك؟
وصل إلى البيت مبكرا من غير عادته، فتعجبت زوجته من قدومه المبكر،
وعندما سألته قص عليها ما جرى له.
وفرحت زوجته ، واستبشرت بقدوم أيام الفرح،
بعد أن أحال أيامها كلها منذ أن تزوجته حزينا يلد حزناً،
بسبب ما يقترف من المعاصي وما يعاملها به من القسوة.
صحا من النوم الساعة الثانية قبل الفجربمدة طويلة،توضأ وأخذ يصلي
مناجياً ربه، ويستغفره عن الأيام الخالية ،يطيل في السجود والقيام
حتى أذان الفجر.
استيقظت زوجته فرأته ساجداً، فرحت كثيرا بهذا التغيير،
واقتربت منه منتظرة انتهاءه من الصلاة،
ولكنه لم يقم من سجدته،
فوضعت يدها عليه مخاطبة:أبا فلان...مالك؟!
ولكنه بدل أن يجيبها سقط على جنبه، ولقد وافته المنية وهو ساجد
يناجي ربه.
وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله"، قالوا كيف يستعمله؟ قال:"يوفقه لعمل صالح
قبل موته."
انهض وتب مما جنيت وقم إلى باب الكريم ولذ به متفردا
وادعوه بالأسحار دعوة مذنب واعزم وتب واحذر تكن مترددا
واضرع وقل يارب جئتك أرتجي عفوا مغفرة بها كي اسعدا
فلعل رحمته تعم فإنها تسع العباد ومن بغى ومن اعتدى
وإذا أردت أن تفوز وتتقي نار الجحيم وحرها المتوقدا
أخلص لمن خلق الخلائق واعتلى فوق السماوات العلى وتفردا
ثم الصلاة على النبي محمد خير الورى
آسال الله لي وَ لكم توبة خآلصة لوجهه
وَنسآل الله جميعآ لنآ حسسن الخآتمه