العبد يتعب وينصب ويبذل في سبيل تحقيق الحسنات
لأن الدنيا مزرعة الآخرة والسعيد من سعد بهذا الغرس
ويتعاهده حتى يبلغ منتهاه ..
والذي يثبت حسنة من حسناته ويسمح لها أن تخرج من كتابه
وتذهب إلي آخرين وقد يحل محلها سيئة لآخرين فهو عبداً مغبون
فعلاً أضاع جهده وأضاع ثمرة عمره ...
لكي تحافظ علي حسناتك يجب عليك أن تتجنب
- ظلم العباد ، وذكرنا أن من يظلم الناس ويلقي الله عز وجل بهذه المظالم
والله تعالى ينصب الموازين يوم القيامة ويحاسب بالذرة بل وبمثقال الذرة ..
فالعبد الذي يطلق يده ولسانه في ظلم الناس يأتي يوم القيامة مفلساً
ما يشينه و ما يضاد أحكام الله تبارك وتعالى سواء في باب الاعتقاد
فهذا الرجل آثم حتى ينتهي كتابه من على وجه الدنيا ..
- الغرور بالعمل بمعنى أن يعمل الإنسان العمل ويغتر به
ويظن انه قد أدى ما عليه فلا يزال هكذا حتى يسقط في هوة الغرور
وحتى نعالج هذا الكلام لابد أن ننظر بعين البصيرة إلى حقيقة العمل
فعملك مهما جَوَدته لا يكافئ دخولك الجنة كما في الحديث الذي
قال فيه النبي صلي الله عليه وسلم
(اعلموا انه لن يدخل احد منكم الجنة بعمله ... قالوا ولا أنت يا رسول الله..
قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته .. )·
فالجنة لا يكافئها عمل وإنما ندخل الجنة برحمة ربنا سبحانه وتعالي
ولكن بشرط أن نبذل أقصي ما عندنا من العمل حتى وان كان قليلا
لكن لا تترك في وسعك شيئا تستطيع أن تفعله إلا وتفعله
يقول سلمه بن دينار
إن العبد ليعمل الحسنة تسره وما خلق الله عز وجل سيئة تضره مثلها
وان العبد ليعمل السيئة تسوءه
وما خلق الله عز وجل من حسنة أفضل له منها
ومعني هذا أن العبد قد يعمل الحسنة فيعجب بها ويقع الغرور في قلبه
فتكون هذه الحسنة اضر عليه من أي سيئة أخرى ؛
وان العبد قد يعمل السيئة وتكون أعظم من كثير من حسناته
ويوضح هذا الكلام أكثر بلال بن سعد رحمه الله ...قال
رب حسنة أورثت عزاً واستكبارا ورب معصية أورثت زلاً وانكسارا
بمعني أن الإنسان قد يعمل المعصية فيظل خائفا منها
فتحدث له انكساراً في قلبه
فيعمل الحسنات والأعمال الصالحات كي يعوض هذه السيئة
فلا يزال يرتقي شيئاً فشيئاً بسبب هذه السيئة حتى يلقي الله عز وجل معافى .
وإن العبد ليعمل الحسنة فيغتر بها ويقول أنا أقوم الليل وأصوم النهار
وأحج كل عام وأُنفق على الفقراء والمساكين
فلا يزال يرتكب هذا العمل حتى يحبطه هذا الغرور ..
وهذا ليس معناه أن السيئة أفضل من الحسنة
ولكن يجب علينا فهم الكلام فهما صحيحاً
يريد أن يقول أن مَئال السيئة قد تكون لكن لا تستوي السيئة مع الحسنة .
الحسنة أفضل لكن هذه المسألة تكون بالنظر إلي تأثيرها علي العبد
وليس في البحث في السيئة من حيث هي سيئة
ولا في الحسنة من حيث هي حسنة
ولكن الإنسان الذي يخاف من غرور العمل
ماذا يفعل كي يتخلص من هذا الغرور
أو يجعل سدا بينه وبين هذا الغرور بإمكانه أن يفعل أشياء
والشئ الأول: ألا يذوق حظ نفسه في العمل
وليعلم انه ما من عمل صالح إلا ولله عز وجل الفضل والمنة عليه
أن هداه إلى هذا العمل كما قال تعالي (وما بكم من نعمة فمن الله )
فإذا علم العبد ذلك وانخلع من حظ نفسه
وعلم أنه إنما وفق لمراد الله بهداية الله تبارك وتعالى له .
الشئ الثاني :أن يعلم علماً يقينياً أنه ما من حسنة يفعلها في الدنيا
مهما جودها إلا سيحتقرها في الآخرة.
قال محمد بن أبي عميرة (رضي الله عنه):
لو أن عبداً خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرماً في طاعة الله
لحقر كل ذلك يوم القيامة
و لما لا ؟ وقد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم
(انه لما ذكر البيت المعمور .. قال يدخله في اليوم سبعون ألف ملك ..
لا يعودون إليه إلى يوم القيامة ما منهم ملك إلا راكع وساجد )
لأنه لم يأتي الدور عليهم لكثرة الملائكة
ونحن نعلم أن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
عملهم الدائم العبادة والتسبيح ما عملوا المعصية قط
ومع ذلك إذا قامت الساعة
"يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك"
كيف بنا كبشر؟
ولدينا شياطين انس وشياطين جن والنفس الأمارة بالسوءوكل هؤلاء أعداء
يناوشونا في كل خطوة
وأنت ماض إلى الله تبارك وتعالى تغلِب في جولة
وتٌغلب في جولات !
فحافظ علي حسناتك
ولا تضيعها بسوء التصرف فمـا أحوجنا إليها يوم القيامة
و الحمد لله رب العالمين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]