و
ولهذا قالوا وأكدوا ..
أن أخوة الدين أثبت وأقوى من أخوة النسب ..
فإنَّ أخوة النسب ..
تنقطع بمخالفة الدين ..
وأخوة الدين ..
لا تنقطع بمخالفة النسب ..
قال الله : { لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ } ..
إنه الإيمان ..
الذي يصنع مثل تلك المواقف ..
ويصنع أولئك الرجال ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ..التقوى ها هنا _ ويشير إلى صدره ثلاث مرات _ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) ..
( كل المسلم على المسلم حرام ) ..
لسان حال المسلم الصادق:
إذااشتكى مسلمٌ في الهند أرّقـني
مصر ريحانتي ،والشام نرجستي
أرى بُخارى بلادي وهي نـائـيةٌ
وأينما ذكر اسـم الله في بـلد
شـريـعة الله لـمّت شـملـنا
وإن بكى مسلمٌ في الصين أبكاني
وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وأستريح إلى ذكرى خراسانِ
عددت ذاكالحمى من صلب أوطاني
وبَنَت لنا معالمإحسانٍ وإيمانِ
القضية يا عباد الله ..
ليست قضية من أنا ؟!..
القضية يا عباد الله ليست ..
قضية من أنا ؟!..
لكن القضية ..
قضية إسلام يُنتهك هنا وهناك ..
ونحن لا زلنا نقول : أنت ابن من ، وتنتمي إلى من ؟!..
بلال ..حبشي ..
وصهيب ..رومي ..
وسلمان ..فارسي ..
وصلاح الدين ..كردي ..
والبخاري ..بخاري ..
وغيرهم ، وغيرهم ..
سطَّر التاريخ أسماءهم ..
ليس لانتمائهم ، ولا لأصولهم ..
ولكن لأفعالهم ..
العالم الغربي ساد وشاد ، وبلغ بعلومه القمر ، والكواكب ، والنجوم ..
ولا زلنا نقول : أنت ابن من ؟!..
ولا زلنا نقول : أنت ابن من ؟!..
إنَّ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ..
إنَّ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ..
هم ارتقوا ..
ونحن تأخرنا لأننا عدنا إلى الجاهلية التي جاء الإسلام ليخرجنا منها ..
عن محمد بن سعد أنَّ حكيم بن حزام رضي الله عنه بكى يوماً فقال له ابنه :
ما يبكيك أبتاه ؟!..
قال خصال كلها أبكتني ..
أما أولها فتأخر إسلامي حين سُبقت في مواطن كلها صالحة ..
ونجوت يوم بدر و أحد فقلت : لا أخرج أبداً من مكة ولا أوضع مع قريش ما بقي ..
فبقيت في مكة ويأبى الله إلا أن يشرح صدري للإسلام ، وذلك أني نظرت إلى بقايا قريش لها أسنان متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم ..
ويا ليتني لم أقتدي بهم ..
ويا ليتني لم أقتدي بهم ..
ما أهلكنا _ والله _ إلا الاقتداء بآبائنا ، وكبرائنا على غير حق ..
وصدق الله حين قال:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } ..
عباد الله ..
ومما ورثت مجتمعاتنا وفي الجزيرة خاصة ما يجري من بعض الناس _ ويا للأسف_ من التفريق بين ما يسمى القبيلي والخضيري ..
وأصبح شغل الناس الشاغل ..
هذا له أصل ..
وهذا لا أصل له ..
سلم منا اليهود والنصارى ..
ولم نسلم من بعضنا البعض ..
وأصبح هذا هو المقياس ..
ومع الأسف الشديد ..
أنَّ هذا يقع حتى من بعض المنتسبين إلى العلم والصلاح ..
للأسف الشديد ..
أنَّ هذا يقع حتى من بعض المنتسبين إلى العلم والصلاح ..
فأصبح المجتمع ..
لا يزوج بعضه بعضاً ..
ويرى البعض البعض دونهم في المنزلة ..
ويصفون الناس بصفات لا تليق ..
ولا ريب ولا شك أنَّ هذا ..
مخالف للنصوص الشرعية ..
ومخالف لمفاهيم الدين التي جاءت ..
لتجمع الكلمة ..
وتوحد الصف ..
وتساوي بين المسلمين ..
لقد فرط الناس _ عباد الله _ في أسباب عزهم وكرامتهم من ..
طاعة لله ..
وتقواه ..
وحفظ كتابه ..
والإخلاص له ..
وتطبيق سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
وفرطوا في الأعمال الصالحة التي فيها ..
يتنافس المتنافسون ..
ولمثلها يعمل العاملون ..
واستبدلوه بما يذلهم ويجلب العداوة بينهم ..
والذي فيه العودة إلى حطام الجاهلية العمياء ، والتعصب للجنس واللون ..
أما علم المتعصبون للنسب أنَّ الله خلقنا ليختبرنا على حسن أعمالنا كما قال هو سبحانه : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ ( نسبا !!) } .. بل { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ..
أما علموا أنَّ الله جعل مقياس القبول هو ..
التقوى ..
لا الشعارات التي يرفعونها ..
كما قال الله : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ..
كنا نتوقع أن طلبة العلم والصالحين هم أبعد الناس عن هذا التعصب الأعمى ..
ولكن من المحزن والمؤسف ..
أن نرى بعضهم يتزعمون هذه الأفكار الدنيئة ..
تناسوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه ) رواه مسلم ..
فيا ليت المتعصبين للأحساب والأنساب ، يعرفون مضمار السباق الحقيقي لا المزيف الذي يعيشونه ..
أبي الإسلام لا أبا لي سواه إن افتخروا بقيس أو تميم
عباد الله ..
ومن جراء هذا العصبية ظُلم كثير من أفراد المجتمع ظلماً ظاهراً ..
وخاصة النساء والفتيات ..
اللاتي أصبحن ضحايا هذه الحروب القبلية في كثير من المناطق عندنا ..
فمحرّم عليها أن تتزوج ..
إلا من ابن عمها ..
حتى ولو كان أفجر الفاجرين ..
ويُرد من أتى لخطبتها ..
لأنه ليس فصيلتنا ..
حتى لو كان أتقى العابدين ، وأفضل الزاهدين ..
فهو حقير ذليل ليس له أصل ، أو أنَّ أصلنا يفوق أصله ..
أصبحت الفتاة هي الضحية ..
بل يرى أهل التعصب ..
أنَّ الرجل يحق له أن يتزوج ممن هي أقل منه ..
لكن يستحيل ذلك على الفتاة ..
ألا ترون عباد الله ..
أنَّ هذا يخلق جواً من العداء ، والحساسية ..
ويولد جواً من الحقد ، والحسد بين أفراد المجتمع الواحد ..
وما جاء الإسلام ليقرَّ هذا ..
ما جاء الإسلام ليقرَّ هذا ..
بل والله ..
من أجل التعصب والجاهلية ضربوا بعرض الحائط ..
الأدلة والبراهين من الكتاب والسنة ..
وحرفوها إلى ما يناسب هذا التعصب وهذه الجاهلية ..
فلو قيل لهم إن الله يقول : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} قالوا : هذا في الآخرة وليس في الدنيا ..
وعلى هذا يكون أبو جهل القرشي الكافر المشرك خير من بلال الحبشي المسلم المؤمن ..أليس كذلك ؟!..
ثم يستدلون بأدلة ليس لها من الصحة شيئاً ..
ولا يُعمل بها لضعفها ومنها قولهم :
( تخيروا لنطفكم فإنَّ العرق دسَّاس ) هذا ضعيف لا يُعمل به ..
والأصح منه ما قال صلى الله عليه وسلم :
( تخيروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفَّاء ) ..
( تخيروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفَّاء ) صححه الحاكم ..
ولو على فرض أن قلنا أنَّ العرق دسَّاس ..
فالمقصود تخيروا الصلاح وبيوت الصلاح ، لا بيوت الفاسد كما قال صلى الله عليه وسلم :
( إياكم وخضراء الدمن ) ..
قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟..
قال :
( المرأة الحسناء في المنبت السوء ) ..
اسمع كيف يضربون بالأدلة الشرعية عرض الحائط ولا يبالون ..
عشرات المرات تأتي مثل هذا الاتصالات من الفتيات المظلومات ..
قالت لي : تقدم لي صاحب الأخلاق والدين وممن يشهد الجميع بصلاحه ..
فرده أبي لأنه ليس من قبيلتنا _ كما قال _ ..
وبلهجته التي يتلكم بها هذا ليس منا ولا فينا _ كما يقول _ ..
قلت : أبي ..هو حافظ للقرآن ، ومحافظ على أوامر الرحمن ..
قال : قرآنه له ..
فقال : قرآنه له ..
أما أنا فأريد الأصل والفصل ..
وليته سكت ..
وليته سكت ..
بل زاد وقال : لو أتاك سكيّر ، عربيد ، قاطع طريق ؛ من قبيلتنا تتزوجيه رغم أنفك ..
تتزوجيه رغم أنفك ..
وأخرى تقول : تقدم لي منذ ثلاث سنوات من عُرف عنه الصلاح والفلاح فوافق أبي واعترض أخي لهوىً في نفسه ..
ثم عاد وطلبني مرة ثانية بعد ثلاث سنوات ما تقدم لي فيها أحد ..
تزوجت صويحباتي ، وأنا في البيت تمر عليَّ السنوات ، فرده مرة ثانية وقال _ قال الأب _ أنا لا أريد أن أخسر ولدي ..
أنا لا أريد أن أخسر ولدي ..
الله أكبر ..
أما هي فتخسرها !!..
أما هي فلا بأس أن تخسرها لأنها لا قيمة لها !!..
القيمة للولد ، ولا قيمة للفتاة ..
هل هذا هو العدل والانصاف !!..
هل هذا هو العدل والانصاف الذي أمرنا الله به !!..
{ وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} ..
وصاحبة مأساة أخرى تقول باكية : يريدون تزويجي من ابن عمي وهو معروف عنه أنه لا يصلي ، ولا يصوم ، وأنا حافظة للقرآن ..
قلت : ألا يوجد مستقيم بين أخوانك !..
قالت : بلى ..ليته لم يوجد ..
قالت : بلى ..
قلت : عرضت عليه الأمر !..
قالت : عرضت عليه الأمر ..
فقال : لعل هدايته على يديك ..
لعل هدايته على يديك ..
يخاطرون بي ..
تقول : يخاطرون بي ، وبديني ، وبقرآني من أجل عاداتهم وقبليتهم ..
تقول : أقسم بالله إني أكرههم واحداً واحداً ..
تقول باكية : أقسم بالله إني أكرههم واحداً واحداً ..
إنهم يرضون أنفسهم ، وقبليتهم على حساب سعادتي أنا ..
هل تلومونها !!..
لوموا أنفسكم يوم أن سكتنا على هذا الظلم والعار ..
وآخر ردَّ صاحب الأخلاق والدين وقيل له في ذلك فقال : دينه له ..
فقال : دينه له ..
ثم قال وزاد : ماذا سأقول للناس ..
ماذا سأقول للناس إذا قبلت به ..
الله أكبر ..
وماذا ستقول لربّ الناس ؟!..
ماذا ستقول لربّ الناس حين يسألك : أتاك من يحمل ديني ، ويتزين بأخلاق الإسلام فرددته إرضاء لفلان وفلان ؟..
أما قال صلى الله عليه وسلم :
( من ابتغى رضا الله في سخط الناس ..
رضى الله عنه وأرضى الناس عنه ..
ومن ابتغى رضا الناس في سخط الله ..
سخط الله عليه وأسخط الناس عليه ) ..
عباد الله ..
البنت ليست سلعة ..
وعقد الزواج ليس صفقة تجارية ..
والعاقل هو الذي يبحث عمن يسعد ابنته ..
ولا يكون ذلك إلا بالمواصفات التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ..
قالوا : يا رسول الله وإذا كان فيه ما كان ؟!..
قال :
( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ..قالها ثلاث مرات ..
هذا هو المقياس في نظر الإسلام ..
فكفاءة المرء منوطة ..
بكمال ..
خلقه ..
ودينه ..
لا بماله ..
لا بمنصبه ..
لا بحسبه ..
كما قال الله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } في الدنيا وفي الاخرة ، لا كما يزعمون ..
فكفاءة الدين ، والخلق ..
هي المرجح الأول لقبول الخاطب ..
أما كفاءة الوسط الاجتماعي التي تتحدد بالمال ، والمنصب ، والنسب ..
فلا يصح بحال من الأحوال أن تُقدم على دين ربّ العالمين ..
لا يصح ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقدم العادات على ميزان ربّ العالمين ..
فإنه حينها يكون تغليباً للاعتبارات الوثنية الجاهلية على اعتبارات الإسلام بمثله العليا ..
وهو من الفتنة والفساد الكبير الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم ..
وأي فتنة _ عباد الله _ أعظم ..
وأي فساد أكبر ..
حين توضع الفتاة المؤمنة بين يدي رجل متحلل ..
لا يعرف للدين قيمة ..
مفرط في الصلوات ..
متهاون في الطاعات ..
فكم من فتاة أصبحت مستهترة بدينها وعقيدتها ، نبذت الفضيلة والأخلاق ، وطرحت الشرف يوم أن تزوجت بذلك الذي لا دين فيه ولا خُلق ..
ولك أن تتخيل ماذا ستنتج لنا هذه البيوت ..
وأي رجال أو أبطال سيربون لنا ويخرّجون ..