كانت هنالك قلعة في بلاد فارس القديمة , تدعى “ارسطخو” , تسكنها المرده والعفاريت وقوى الشر , بحسب
الأسطورة , وكان من يبيت فيها لليلاً , لا يصبح له صباح إلا وقد قتله, الشر الموجود في هذه القلعـة , تجنبها
الناس وابتعدو عنها , وكان اسمها يبث قشعريرة وغصة مريرة , ثم أتى رجل يآئس بآئس , وقال ياقوم أني مللت
الحياة , ولم اعد استطع عليها صبراً , بهمومها وغمومها , تغلغلت في دمائي سمومها , وأني ذاهب لقلعة
ارسطخو , ففيها غايتي وما أريد من نهايتي , فالموت فيها سيدفع عني مصائبي التي اعيشها , سأموت
وأنسى مأنا فيها , فحاول القوم ثنيه , فلم يستطيعوا , ذهب هذا الرجل اليآئس لتلك القلعة المشؤومه , وجلس
في إحدى اركانها ينتظر نهايته , وبينما هو في جلوسه وعبوسه
, اختفى فجاءة ضوء القمر الضعيف , حتى احتلت العتمة المكان وانتشر حوله الدخان , وسمع أصواتاً ليست
لبني الإنسان , اصوات مخيفة مرعبــة , ومن بين تلك الأصوات الشريرة , تعالى صوت أشد شراً ورعباً , قائلا :
يأيه المسكين ستذبح الليلة بلا سكيـن , وستموت خوفاً قبل أن تموت جسداً , فصاح الرجل : يأهلا وسهلا بمن
أحضر نهايتي معه , لست خائفاً منكم ولا اخشاكم , ففيكم يكون مطلوبـي , وأسرع طريق لتابوتي , فهلموا
اريحوني من تلك الحياة البائسة , فهمهت الاصوات , واختفى الدخان وظهر نور القمـر من جديد , وسمع الرجل
صوت يجاوبه : لقد فككت طلاسم هذه القلعة , لقد هزمتنا بعدم خوفـك , وإقدامك علينا , وفي زوايا هذه القلعة
توجد من الكنوز ماتطيب به حياتك , ستبني القصور وأجمل الدور وتتزوج من الحسان الحور , وبساتين فيها
أجمل الطيور , وعن الناس ستتميز كالقمر بين النجوم , حجماً ونـور , فلم اتى الصباح ذهب القوم ليأخذوا جثته
فوجدوه بين كنوزه ضاحكاً مبتسماً , وعاش بعد ذلك حياته سعيداً عن الهم بعيداً .
هذه الاسطورة , نجدها واقعا في عالمنا الحقيقي , فالقلعة والخوف الذي يلفها , هي أمورنا حين نتردد فيها
خوفاً من الفشل , سواء كان هذا الأمر تجارة أو دراسة أو إتخاذ قرار , ما كان الخوف والتردد في أمر إلا إنهار .
في حياتك كن مقداماً , ولا تجعل خوفك ولا تخيالاتك حول شيء ما , تثنيك عما تريـد